وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الضَّوَابِطِ وَالْفُرُوعِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَنَذْكُرُ هَاهُنَا بَقِيَّةَ الْفُرُوعِ الْمُتَيَسَّرَةِ قَاعِدَةٌ: مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ: أَنَّ التَّعْجِيلَ لَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِسَلَفٍ لَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ أَسْلَفَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ بَعْضُ الدَّيْنِ وَيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ دَيْنَهُ فَهُوَ سَلَفٌ لِلنَّفْعِ دُونَ الْمَعْرُوفِ فَيَمْتَنِعُ قَاعِدَةٌ: إِذَا شَرُفَ الشَّيْءُ وَعَظُمَ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَثُرَ شُرُوطُهُ وَشُدِّدَ فِي حُصُولِهِ تَعْظِيمًا لَهُ لِأَنَّ شَأْنَ كُلِّ عَظِيمِ الْقَدْرِ أَنْ لَا يحصل بالطرق السهلة: (حُفت الحنةُ بِالْمَكَارِهِ) {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} : أَيِ الصَّابِرِينَ عَلَى آلَامِ الْمُجَاهَدَاتِ فَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: النِّكَاحُ لَمَّا شَرُفَ قَدْرُهُ بِكَوْنِهِ سَبَبَ الْإِعْفَافِ وَمِنْ أَعْظَمِ مَغَايِظِ الشَّيْطَانِ وَوَسِيلَةً لِتَكْثِيرِ الْعِبَادِ وَحَاسِمًا لِمَوَادِّ الْفَسَادِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِاشْتِرَاط الصَدَاق وَالْوَلِيّ وَالْبَيِّنَة بِخِلَاف الْبَيْعُ وَالنَقْدَانِ لَمَّا عَظُمَ خَطَرُهُمَا بِكَوْنِهِمَا مَنَاطَ الْأَعْرَاض ورؤوس الْأَمْوَالِ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ وَنِظَامَ الْعَالَمِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِمَا بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ وَاحِدٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا بِنَسِيئَةٍ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ لَمَّا كَانَ حَافِظًا لِجِنْسِ الْحَيَوَانِ وَبِهِ قِوَامُ بِنْيَةِ الْإِنْسَانِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَأَسْبَابُ السِّيَادَةِ وَالسَّعَادَةِ شَدَّدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ تَخْرُجُ أَكْثَرُ مَسَائِلِ الْمُقَاصَّةِ فِي الدُّيُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute