قَالَ: إِذَا زَرَعَ مَا هُوَ أَضَرُّ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَمَا بَيْنَ الْكِرَاءَيْنِ تَمْهِيدٌ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ: عَلَيْهِ كِرَاءُ الزَّرْعِ الثَّانِي مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ غَالِبًا فَإِنَّ الشَّعِيرَ إِذَا كَانَ فِي الْعُرْفِ بِدِينَارٍ وَالْقَمْحَ بِدِينَارَيْنِ فَإِنْهُ إِنَّمَا يَسْتَأْجِرُ لِلشَّعِيرِ بِدِينَارٍ فِي الْغَالِبِ فَإِذَا زَرَعَ الْقَمْحَ يَكُونُ عَلَيْهِ دِينَارٌ وَهُوَ الْكِرَاء الأول وَمَا بَين الكرائين وَهُوَ الدِّينَارُ الَّذِي امْتَازَ بِهِ كِرَاءُ الْقَمْحِ فَيكون المتحصل لَهُ دِينَارَانِ فَلَوْ قَالَ: الْكِرَاءُ الثَّانِي صَحَّ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّطْوِيلِ لَكِنْ عَدَلَ عَنْهُ لِحِكْمَةٍ وَهُوَ أَنَّ الْكِرَاءَ الْأَوَّلَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ نُزُولٌ عَنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ بِسَبَبِ حَاجَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَو غَيره ذَلِكَ فَتَضِيعُ تِلْكَ الرُّخَصُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنَ الْعَقْدِ وَيَبْطُلُ مُوجِبُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ بِأَغْلَى لِحَاجَةِ الْمُكْتَرِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ وَمِثَالُهُ: كِرَاءُ الشَّعِيرِ سَبْعَةٌ وَكِرَاءُ الْقَمْحِ عَشَرَةٌ فِي الْعُرْفِ اكْتَرَى الشَّعِيرَ بِدِينَارٍ لِضَرُورَةِ رَبِّ الْأَرْضِ أَو لصداقته لَهُ ثُمَّ زَرَعَ قَمْحًا فَعَلَى قَوْلِهِ يُعْطَى خَمْسَةً وَعَلَى مَا يَتَخَيَّلُهُ السَّائِلُ يُعْطَى عَشَرَةٌ فَيَذْهَبُ عَلَيْهِ مَا حَصَّلَهُ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْعَقْدِ وَعَكَسَهُ لَوِ اكْتَرَى الشَّعِيرَ بِعَشَرَةٍ لِسَبَبِ غَرَضٍ فَزَرَعَ قَمْحًا فَعَلَى قَوْلِهِ: يُعْطَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَا يَفُوتُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مَا حَصَّلَهُ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْعَقْدِ وَعَلَى قَوْلِ السَّائِلِ: لَا يُعْطَى إِلَّا عَشَرَةً فَيَذْهَبُ عُدْوَانُهُ لَا أَثَرَ لَهُ فَهَذَا سِرُّ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ: يُعْطَى الْكِرَاءُ الأول وَمَا بَين الكرائين
فرع فِي النَّوَادِر: قَالَ مَالك: إِذا أُسكن دَارًا حَيَاتَهُ جَازَتْ إِجَارَتُهُ لَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute