وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ قَطُّ ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ إِجْمَاعًا وَيَبْقَى الْخِلَافُ فِي مُدْرِكِ هَذَا الْوُجُوبِ فَإِنَّا قُلْنَا إِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مُوجِبَةٌ فَسَبَبُ هَذَا الْأَمْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ مِنَ الْإِحْدَاثِ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا لَيْسَتْ مُوجِبَةً بَلْ نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْدَاثِهِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَلَى طَهَارَةٍ فَتَنْقُضَهَا وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ. وَأَكْثَرُ عِبَارَاتِ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْوُضُوءِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهَا نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ وَجَمَعَ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ بَابُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَيَنْقُضُهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى مُدْرِكِ الْحُكْمِ لَا الْحُكْمِ. فَصْلٌ فِي مُوجِبَاتٍ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ نَحْوُ عَشْرَةٍ: الْأَوَّلُ مَسُّ الدُّبُرِ وَيُسَمَّى الشَّرَجَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ تَشْبِيهًا لَهُ بِشَرَجِ السُّفْرَةِ الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُجْتَمَعُهَا وَكَذَلِكَ تُسَمَّى الْمَجَرَّةُ شَرَجَ السَّمَاءِ عَلَى أَنَّهَا بَابُهَا وَمُجْتَمَعُهَا وَمَسُّهُ لَا يُوجب الْوضُوء خلافًا ش وَحمد يس مِنْ أَصْحَابِنَا. الثَّانِي الْأُنْثَيَانِ لَا يُوجِبُ مَسُّهُمَا وضُوءًا خلافًا لعروة بن الزبير لاندارجهما فِي مَعْنَى الْفَرْجِ عِنْدَهُ. الثَّالِثُ الْأَرْفَاغُ وَاحِدُهَا رُفْغٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ طَيُّ أَصْلَيِ الْعَجُزِ مِمَّا يَلِي الْجَوْفَ وَيُقَالُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقِيلَ هُوَ الْعَصَبُ الَّذِي بَيْنَ الشَّرَجِ وَالذَّكَرِ قَالَ الْقَاضِيَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَمَسُّهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلَا يُوجِبُ وُضُوءًا خِلَافًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
(مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ)
خَصَّهُ دُونَ سَائِرِ الْجَسَدِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ غَيْرِهِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِنْ عَارَضُوا الْمَفْهُومَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فَرَّقْنَا بِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَذْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute