للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَحْقِيقُهُ أَنْ يَقُولَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ مُضَافَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْقَصْدِ فَهِجْرَتُهُ مَوْكُولَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الثَّوَابِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ مُضَافَةً إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ مَوْكُولَةٌ إِلَيْهَا وَمَنْ وُكِلَ عَمَلُهُ إِلَى مَا لَا يَصْلُحُ لِلْجَزَاءِ عَلَيْهِ فَقَدْ خَابَ سَعْيُهُ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ مُوبِقَةٍ. وَإِنَّمَا قُدِّرَ مَوْكُولَةٌ لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مَجْرُورًا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ عَامِلٍ فِيهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قُدِّرَ فَبَايَنَ الشَّرْطُ الْمَشْرُوطَ. إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْوُضُوءِ وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَدَمَ وُجُوبِهَا عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَخَرَّجَ عَلَى ذَلِكَ الْغُسْلَ. الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي حِكْمَةِ إِيجَابِهَا وَهِيَ تَمْيِيزُ الْعِبَادَات عَن الْعَادَات ليتميز مَا لله عَن مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ فِي أَنْفُسِهَا لِتَتَمَيَّزَ مُكَافَأَةُ الْعَبْدِ عَلَى فِعْلِهِ وَيَظْهَرُ قَدْرُ تَعْظِيمِهِ لِرَبِّهِ. فَمِثَالُ الْأَوَّلِ الْغُسْلُ يَكُونُ تَبَرُّدًا وَعِبَادَةً وَدَفْعُ الْأَمْوَالِ يَكُونُ صَدَقَةً شَرْعِيَّةً وَمُوَاصَلَةً عُرْفِيَّةً وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ يَكُونُ عِبَادَةً وَحَاجَةً وَحُضُورُ الْمَسَاجِدِ يَكُونُ مَقْصُودًا لِلصَّلَاةِ وَتَفَرُّجًا يَجْرِي مَجْرَى اللَّذَّاتِ. وَمِثَالُ الْقِسْمِ الثَّانِي الصَّلَاةُ تَنْقَسِم إِلَى فرص وَمَنْدُوبٍ وَالْفَرْضُ يَنْقَسِمُ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً وَالْمَنْدُوبُ يَنْقَسِمُ إِلَى رَاتِبٍ كَالْعِيدَيْنِ وَالْوِتْرِ وَغَيْرِ رَاتِبٍ كَالنَّوَافِلِ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قُرُبَاتِ الْمَالِ وَالصَّوْمِ وَالنُّسُكِ فَشُرِعَتِ النِّيَّةُ لِتَمْيِيزِ هَذِهِ الرُّتَبِ وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ تُضَافُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدَيْنِ إِلَى أَسْبَابِهَا لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهَا وَكَذَلِكَ تَتَعَيَّنُ إِضَافَةُ الْفَرَائِضِ إِلَى أَسْبَابِهَا لِتَتَمَيَّزَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ قُرَبٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ أَسْبَابِ الْكَفَّارَاتِ لَا تُضَافُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مُسْتَوِيَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>