وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ مُلَابَسَةَ الْخَبَثِ فَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. الْبَحْثُ السَّادِسُ فِي شُرُوطِ النِّيَّةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمُكْتَسَبِ النَّاوِي فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ وَتَخْصِيصُ غَيْرِ الْمَفْعُولِ لِلْمُخَصَّصِ مُحَالٌ. وَأَشْكَلَ هَذَا الشَّرْطُ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ حَالَةَ الْإِمَامَةِ مُسَاوِيَةٌ لِصَلَاتِهِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَهَذِهِ النِّيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُكْتَسَبٍ وَلَا مُكْتَسَبٌ فَيُشْكِلُ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ النِّيَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِمُكْتَسَبٍ اسْتِقْلَالًا وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِتَوَابِعِ ذَلِكَ الْمُكْتَسَبِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسَبَةً كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْوُجُوبِ فِي الصُّبْح وَالنَّدْب فِي صَلَاة الضُّحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ مُكْتَسَبًا لِلْعَبْدِ فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ وَاجِبَةُ الْوُجُودِ قَدِيمَةٌ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى سُبْحَانَهُ فَحَسُنَ الْقَصْدُ إِلَيْهَا تَبَعًا لِقَصْدِ الْمُكْتَسِبِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِعْلًا زَائِدَةً عَلَى الصَّلَاةِ مُكْتَسَبًا فَإِنَّ الْقَصْدَ إِلَيْهَا تَبَعًا لِقَصْدِ الْمُكْتَسِبِ. الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ مَعْلُومًا أَوْ مَظْنُونًا فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ تَكُونُ فِيهِ النِّيَّةُ مُتَرَدِّدَةً فَلَا تَنْعَقِدُ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُ الْكَافِرِ وَلَا غُسْلُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ غَيْرُ مَعْلُومَيْنِ وَلَا مَظْنُونَيْنِ. فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ لَوْ شَكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ أَوْ كَانَ شَكُّهُ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ إِلَى سَبَبٍ فَتَوَضَّأَ فِي الْحَالَتَيْنِ احْتِيَاطًا ثُمَّ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ فَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ أَمَّا لَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ فَلَا تَرَدُّدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute