يَبْتَغُونَ من فضل الله} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ فَرْقٌ بَيْنَ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَضَرَبَ الْأَرْضَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْقُرُبَاتِ كَأَنَّ الْمُسَافِرَ لِلتِّجَارَةِ مُنْغَمِسٌ فِي الْأَرْضِ وَمَتَاعِهَا فَقِيلَ ضَرَبَ فِيهَا وللمتقرب إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَرِيءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ يُجْعَلْ فِيهَا وَيُسَمَّى مُفَاعَلَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُقَارِضِ وَالْمُقَارِضُ بِالْكَسْرِ رَبُّ الْمَالِ وَبِالْفَتْحِ الْعَامِلُ وَالْمُضَارِبُ بِالْكَسْرِ الْعَامِلُ عَكْسَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ اسْمٌ مِنَ الْمُضَارَبَةِ بِخِلَاف الْقَرَاض الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وأحلَّ الله البيع} وَهُوَ بَيْعُ مَنَافِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَمِنْ عمل الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خَرَجَا فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أنفعكما بِهِ ثمَّ قَالَ بلَى هَهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعا من مَتَاع الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ فَقَالَا وَدِدْنَا فَفَعَلَ وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ عُمَرُ أَكُلَّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا قَالَا لَا فَقَالَ عمر أَبنَاء أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا لَوْ نَقَصَ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ يَا أَمِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute