فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ مَا دَامَ حَيًّا مُسْتَطِيعًا قَبْلَ حُضُورِهَا وَحُضُورِ أَسْبَابِهَا فَإِذَا حَضَرَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ النِّيَّةُ وَالْإِخْلَاص الفعليات فِي أَوَّلِهَا وَيَكْفِي الْحُكْمِيَّانِ فِي بَقِيَّتِهَا لِلْمَشَقَّةِ فِي اسْتِمْرَارِهَا بِالْفِعْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَوْ وَزَنَ زَكَاتَهُ وَعَزَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ دَفَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ اكْتَفَى بِالْحُكْمِيَّةِ وَأَجْزَأَتْ وَلَمْ يُشْتَرَطِ الْإِيمَانُ الْفِعْلِيُّ فِي ابْتِدَائِهَا لِصُعُوبَةِ الْجَمْعِ وَأَفْرَدَتِ النِّيَّةَ دُونَهُ لِأَنَّهَا مُسْتَلْزَمَةٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ تَكْفِي الْحكمِيَّة بشرك عَدَمِ الْمُنَافِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا تَوَضَّأَ وَبَقِيَتْ رِجْلَاهُ فَخَاضَ بِهَا نَهْرًا وَمَسَحَ بِيَدَيْهِ رِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يُرِيدُ إِذَا قَصَدَ بِذَلِكَ غَيْرَ الْوُضُوءِ بَلْ إِزَالَةَ الْقَشْبِ وَقَالَ صَاحِبُ النكت مَعْنَاهُ أَنه ظن كَمَال وضوءه فَرَفَضَ نِيَّتَهُ أَمَّا لَوْ بَقِيَ عَلَى نِيَّتِهِ وَالنَّهْرُ قَرِيبٌ أَجْزَأَهُ. قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ تَتَنَاوَلُ الْفِعْلَ مَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ النِّيَّةُ الْفِعْلِيَّةُ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّ النِّيَّةَ الْخَاصَّةَ بِهِ أَقْوَى كَمَا لَوْ قَامَ لِرَكْعَةٍ وَقَصَدَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ وَهِيَ رَابِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَسَدَتِ الصَّلَاةُ أَوْ صَامَ يَوْمًا فِي الصَّوْمِ الْمُتَتَابِعِ يَنْوِي بِهِ النَّذْرَ بَطَلَ التَّتَابُعُ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي صَلَاةِ مَنْ قَامَ إِلَى اثْنَيْنِ وَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ ثُمَّ ذَكَرَ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ يُجْزِئُهُ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فَلَا تَبْطُلُ إِلَّا بِرَفْضٍ الثَّانِي إِذَا رَفَضَ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَهُوَ التَّمْيِيزُ حَالَةَ الْفِعْلِ وَرُوِيَ عَنْهُ فَسَادُهَا لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنَ الطَّهَارَةِ وَذَهَابُ جُزْءِ الطَّهَارَةِ يُفْسِدُهَا قَالَ صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute