للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ فِي غُسْلِ جَنَابَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَأَعَادَ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ لِأَنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ قَدِ ارْتَفَعَ عَنِ الْمَغْسُولِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ أَعْضَائِهِ وَغَيْرُ الْجُنُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَلَا يُعِيدُ النِّيَّةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْأَعْضَاءِ السَّابِقَةِ فَهُوَ جُنُبٌ وَالْجُنُبُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَتَخَرَّجُ عَلَى رَأْيِ أَبِي الْحَسَنِ إِذَا مس ذكره بعد غسله بفور ذَلِك أَن لَا يَنْوِيَ الْوُضُوءَ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ كَمَا تُسْتَصْحَبُ فِي آخِرِ الْعِبَادَةِ تُسْتَصْحَبُ بِفَوْرِهَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يجرئ الْخلاف هَهُنَا. وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ هَلْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا قَوْلَانِ. الْبَحْثُ التَّاسِعُ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَطَهِّرُ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ. اعْلَمْ أَنَّ الْحَدَثَ لَهُ مَعْنَيَانِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ أَحَدُهُمَا الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ يُقَالُ أَحْدَثَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَقَدْ مَنَعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَلَيْسَ يُعْلَمُ لِلْحَدَثِ مَعْنًى ثَالِثٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ. وَالْقَصْدُ إِلَى رَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْوَاقِعِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْوِيُّ هُوَ رَفْعُ الْمَنْعِ وَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَنْعُ ثَبَتَتِ الْإِبَاحَةُ فَيَظْهَرُ بِهَذَا الْبَيَانِ بُطْلَانُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ عَلَى حِيَالِهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ بَاقٍ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى تَكْمُلَ الطَّهَارَةُ وَبُطْلَانُ الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْإِبَاحَةَ حَاصِلَةٌ بِهِ فَيَكُونُ الْحَدَثُ مُرْتَفِعًا ضَرُورَةً وَإِلَّا لَاجْتَمَعَ الْمَنْعُ مَعَ الْإِبَاحَةِ وَهُمَا ضِدَّانِ. سُؤَالٌ إِذَا كَانَ الْحَدَثُ مَنْعًا شَرْعِيًّا وَالْمَنْعُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رَفْعُ وَاجِبِ الْوُجُودِ؟ جَوَابُهُ هَذَا السُّؤَالُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمَحْكُومِ بِتَجَدُّدِهَا عِنْدَ الْأَسْبَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>