وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَنَقُولُ عُضْوٌ شُرِعَ الْمَسْحُ فِيهِ بِالْمَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يَعُمَّهُ حُكْمُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ نَقُولُ لَوْ لَمْ يَجِبِ الْكُلُّ لَوَجَبَ الْبَعْضُ وَلَوْ وَجَبَ الْبَعْضُ لَوَجَبَ الْبَعْضُ الْآخَرُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَهَذَا قِيَاسٌ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْفَارِقُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنَّ الْفِعْلَ فِي الْآيَةِ مُتَعَدٍّ فيستغنى عَن الْبَاء فَتكون للتبغيض صَوْنًا لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ اللَّغْوِ قُلْنَا الْجَواب عَنهُ من وُجُوه أَحدهمَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْبَاءِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ فِعْلَ الْمَسْحِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالثَّانِي بِالْبَاءِ إِجْمَاعًا كَقَوْلِنَا مَسَحْتُ يَدِي بِالْمِنْدِيلِ فَالْمِنْدِيلُ الْمُزِيلُ عَنِ الْيَدِ وَإِذَا قُلْنَا مَسَحْتُ الْمِنْدِيلَ بِيَدِي فَالْيَدُ الْمُزِيلَةُ وَالْمِنْدِيلُ الْمُزَالُ عَنْهُ وَالرُّطُوبَةُ فِي الْوُضُوءِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْيَدِ فَتُزَالُ عَنْهَا بِالرَّأْسِ فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ فامسحوا أَيْدِيكُم برؤوسكم فَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَحْذُوفُ وَهُوَ الْمُزَالُ عَنْهُ وَالرَّأْسُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي الْمُزَالُ بِهِ فَالْبَاءُ عَلَى بَابِهَا لِلتَّعْدِيَةِ الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُصَاحَبَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {تنْبت بالدهن} بِضَمِّ التَّاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُدِّيَ بِالْهَمْزَةِ فَتَتَعَيَّنُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ لِأَنَّه لَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْفِعْلِ مُعَدِّيَانِ وَكَقَوْلِنَا جَاءَ زَيْدٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَالْبَاءُ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِلْمُصَاحَبَةِ دُونَ التَّعْدِيَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّعْدِيَةِ لَحَسُنَ أَنْ تَقُومَ الْهَمْزَةُ مَقَامَهَا فَيُقَالَ أَجَاءَ زَيْدٌ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّالِثُ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُصَاحَبَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً لِلتَّأْكِيدِ فَإِنَّ كُلَّ حَرْفٍ يُزَادُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ لِلتَّأْكِيدِ قَائِمٌ مُقَامَ إِعَادَةِ الْجُمْلَةِ مَرَّةً أُخْرَى والتأكيد أرجح مِمَّا ذكر تموه من التبغيض فَإِنَّهُ مجمع عَلَيْهِ والتبغيض مُنْكَرٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ حَتَّى إِنَّ ابْنَ جِنِّي شَنَّعَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبُ الْبَاء للتبغيض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute