وَالثَّانِي وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَصُلِّيَتْ بِوُضُوئِهَا أَوَّلًا وَأُعِيدَتْ بِوُضُوئِهَا أَيْضًا فَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا إِلَّا وُضُوءٌ وَاحِدٌ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي نَسِيَ مِنْهُ مَسْحَ الرَّأْسِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا وَأَحَدُ الْوُضُوءَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ جَزْمًا بِأَنَّهُ مَا نَسِيَ الْمَسْحَ إِلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَإِذَا وَقَعَتْ بِوُضُوءَيْنِ صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ صَحَّتْ بِالْوُضُوءِ الصَّحِيحِ فَلَا تُعَادُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَوَاتُ الْأُوَلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِوُضُوءٍ أَوْ كُلُّهَا بِوُضُوءٍ وَهَذَا فَرْعٌ لَا يَكَادُ تَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ الثَّانِي مَنْ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي لِحْيَتِهِ بَلَلٌ قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لَا يُجْزِئُهُ مَسْحُهُ بِذَلِكَ الْبَلَلِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُجْزِئُهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً قَرِيبًا وَكَانَ فِي الْبَلَلِ فَضْلٌ بَيِّنٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمَسْأَلَةُ تَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَحُجَّةُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لِرَأْسِهِ مَاءً الثَّالِثُ فِي الْجِلَابِ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّكْرَارُ وَهِيَ إِحْدَى خَمْسِ مَسَائِلَ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا التَّكْرَارُ هَذِهِ وَالْوَجْهُ وَالْيَدَانِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْجَبَائِرُ وَالْخُفَّانِ لِأَنَّ حِكْمَةَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَشَرَّعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَسْلًا فَلَوْ كُرِّرَ لَخَرَجَ بِتَكْرَارِهِ عَنِ التَّخْفِيفِ فَتَبْطُلُ حِكْمَتُهُ الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ يُجْزِئُ الْغَسْلُ عَنِ الْمَسْحِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لِأَنَّ الْغَسْلَ إِنَّمَا سَقَطَ لُطْفًا بِالْمُكَلَّفِ فَإِذَا عَدَلَ إِلَيْهِ أَجْزَأَهُ كَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْمَسْحَ وَحَقِيقَتُهُ مُبَايَنَةٌ لِلْغَسْلِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ لِتَعَارُضِ الْمَآخِذِ الْخَامِسُ مَا انْسَدَلَ مِنَ الشَّعْرِ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِيهِ قَوْلَانِ كَالْمُنْسَدِلِ مِنَ اللِّحْيَةِ نَظَرًا إِلَى مَبَادِئِهِ فَيَجِبُ أَوْ مُحَاذِيهِ فَلَا يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute