وَقَبْضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّ كُلَّ قَبْضٍ لَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَالِكِ يُوجِبُهُ لَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَظُنُّهُ مَالِكًا وَالْمُسْتَامَ مِنَ الْمَالِكِ يَضْمَنَانِ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُونَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنْ ضَمَّنَهُمُ الْمَالِكُ إِذَا قَبَضُوا مِنَ الْغَاصِبِ رَجَعُوا عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِهَاتِ ضَمَانٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ وَهَذِهِ النُّكْتَةُ قَوِيَّةٌ جِدًّا تَقْضِي عَلَى مَدَارِكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْيَدَ إِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ ضَمِنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كالغاضب أولى فَلَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَمْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَنَفَى عَنْهَا الضَّمَانَ وَتَحْتَمِلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ أَنْ تَكُونَ الْتِزَامًا لِلضَّمَانِ لَا إِخْبَارًا عَنْهُ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لأهل مَكَّة وعارية لمالا يَمْلِكُ يَضْمَنُ أَوْ مَعْنَاهُ مَضْمُونَةُ الرَّدِّ احْتِرَازًا مِنَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ رَدَّهُ وَيُحْمَلُ قَوْله مُؤَدَّاة على نفس الدّفع ومضمونة على حمل مؤونة الرَّدِّ مِنَ الْأُجْرَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تُلْغَى إِحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ فَقَدْتُ بَعْضَ أَدْرَاعِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ شِئْتَ ضَمِنَّاهَا لَكَ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ صِفَةً لِلْعَارِيَّةِ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَتَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ مَضْمُونَةٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهَا أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِذَا ثَبَتَ أَوْ مَضْمُونَةٌ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ عَلَى الْيَد يحْتَمل ضَمَان التّلف وَضَمان الرَّد وَالثَّانِي مُتَّفق عَلَيْهِ فَيحمل عَلَيْهِ لِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْعِ عَلَى الْمُجْمَعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute