للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَلَوْ كَانَ مَعْقِدَ الشِّرَاكِ لَمَا عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الْعَقِبِ وَفِي قَوْله تَعَالَى {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} إِشَارَةٌ إِلَيْهِمَا لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا مِرْفَقٌ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ النَّاتِئَ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ لَكَانَ لِلرَّجُلِ كَعْبٌ وَاحِدٌ فَكَانَ يَقُولُ

إِلَى الْكِعَابِ كَمَا قَالَ

إِلَى الْمَرَافِقِ لِتَقَابُلِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فَلَمَّا عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى التَّثْنِيَةِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْكَعْبَانِ اللَّذَانِ فِي طَرَفِ السَّاقِ فَيَصِيرُ مَعْنَى الْآيَةِ اغْسِلُوا كُلَّ رِجْلٍ إِلَى كَعْبَيْهَا. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ فَيَكُونُ غَايَةَ الْغَسْلِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِهِ. وَالْكَعْبَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْغَسْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمِرْفَقَيْنِ. فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ وَاجِبٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ شِدَّةُ الِالْتِصَاقِ وَصِغَرُ الْحَجْمِ الْمُوجِبَانِ لِلتَّحَاكِّ وَالتَّدَلُّكِ. الثَّانِي أَقْطَعُ الرِّجْلَيْنِ يَغْسِلُ الْكَعْبَيْنِ بِخِلَافِ أَقْطَعِ الْيَدَيْنِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ الْقَطْعِ. تَمْهِيدٌ قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ أَمَّا الرَّفْعُ فَتَقْدِيرُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ اغْسِلُوهَا وَالنَّصْبُ عطف على اليدن وَالْخَفْضُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَحَمَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَدَاوُدُ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ جَمْعًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَحَمَلَهُ الشِّيعَةُ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَسْحِ وَتَأَوَّلُوا قِرَاءَةَ النَّصْبِ بِأَنَّ الرِّجْلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّأْسِ قَبْلَ دُخُولِ حَرْفِ الْجَرِّ عَلَيْهِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

(مُعَاوِيَ إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>