وَيُرْوَى بِبَيْعِ الْحَبْسِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ حَوَانِيتَ الْبَيْعِ فِي مِلْكِي لَمْ يُوَرَّثْ وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ إِلَى التَّصَرُّفِ أَعْظَمُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَتَقْدِيرُهُ الَّذِي تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ وَقَدِ احْتَجَّ الصِّدِّيقُ بِهِ فَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَجَاوَبَتْهُ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالصَّحَابَةُ فَإِنَّ الَّذِي تَرَكَ غَيْرَ صَدَقَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمِيرَاثِ بَلْ عَلَيْهِ بِالْمَفْهُومِ وَلِمَا حَسُنَ مِنْهُ الِاحْتِجَاجُ وَأَنَّهُ عَنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَبْسُ الْمُسْقِطُ لِلْمَوَارِيثِ - وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ قُدِّرَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ وَبَعْدَ الدُّيُونِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ كَانَ لَهُمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْحَبْسِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِمَا - وَذَلِكَ بَاطِلٌ إِجْمَاعًا وَلَوْلَا أَنَّهُ لَهُمَا لَمَا وَرِثَهُ عَنْهُمَا وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مُرَادَهُ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَحْبِسُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ كَانَ وَقْفًا وَمَنَعْنَا الْحُكْمَ وَإِلَّا فَهُوَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْمَنْعِ بِدُونِ سَبَب وَفِي صور لَا النِّزَاعِ لِسَبَبِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الثُّلُثَ ثَابِتٌ لَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَمَنْ يَمْلِكُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْكِينِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَهَبَ نَفْسَهُ بِخِلَافِ الْغَيْرِ لِأَنَّ تَحْدِيدَ الِاخْتِصَاصِ لَمْ يَكُنْ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَحْبُوسًا مَمْنُوعًا بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ كَتَبَ فِيهِ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بأَمْره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ الْمُشِيرُ فِي الْقَضِيَّةِ وَالْمُدَبَّرُ لَهَا وَثَانِيهَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لَهُ مَقْدِرَةٌ إِلَّا وَقَفَ وَقْفًا وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ كُتُبًا وَمَنَعُوا فِيهَا مِنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَوْقَافُهُمْ مَشْهُورَةٌ بِالْحَرَمَيْنِ بشروطها وَأَحْوَالهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute