صُحْبَةِ عَلِيٍّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طُولَ عُمُرِهِ فَلَوْلَا اطِّلَاعُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لَمَا قَالَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِجَامِعِ أَنَّ الْآيَةَ إِذَا دَلَّتْ عَلَى حُصُولِ الطَّهَارَةِ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْجُمْلَةِ فَعَدَمُ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الْأَعْضَاءِ أَوْلَى لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْأَعْضَاءِ بِصِيغَةِ إِلَى الدَّالَّةِ عَلَى الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ فَأَوْلَى أَلَّا يَجِبَ مَا لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْأَصْحَابِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا نُبَالِي بَدَأْنَا بِأَيْمَانِنَا أَوْ بِأَيْسَارِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ على الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ. حُجَّةُ الْوُجُوبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبَاتِ فِي الْغَسْلِ وَهِيَ الرِّجْلَانِ وَمَا قَبْلَ الرَّأْسِ بِالرَّأْسِ وَالْأَصْلُ ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى مُنَاسِبِهِ وَمَا خُولِفَ الْأَصْلُ إِلَّا لِغَرَضِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ وَكَانَ مُرَتَّبًا وَإِلَّا كَانَ التَّنْكِيسُ وَاجِبًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى قُرُبَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ أَيْضًا مَمْسُوحَتَانِ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ الْخَفْضِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ حَالَةَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ فَإِنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاسِحُ رِجْلَيْهِ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى الْمَسْحِ بِالذِّرَاعِ إِنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ فَلَا يَحْصُلُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُتَنَاسِبَاتِ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهَا. وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الْحَدِيثِ إِلَى غَسْلِ الْمَرَّةِ لَا إِلَى الْجَمِيعِ وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّخْصِيصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَهُوَ خِلَافُ الأَصْل أم تَجِبُ هَذِهِ الْقُيُودُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَعَنِ الثَّالِثِ بِالْفَرْقِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الصَّلَاةَ مَقْصِدٌ وَالطَّهَارَةَ وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الْوَسَائِلِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِلْحَاقُ. وَثَانِيهَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَيُشَبَّهُ بِقَارِعِ بَابٍ عَلَى رَبِّهِ لمناجاته فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute