أَشْهَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَفَهُ الدِّين وَقَالَ (ش) : لَا بُدَّ فِي الرُّشْدِ مِنْ إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين مَعًا وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَخَالَفَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ مَنْ ضَعُفَ حَزْمُهُ عَنْ دِينه الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ مَالِهِ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ وَازِعَ الْمَالِ طَبِيعِيٌّ وَوَازِعُ الدِّين شَرْعِيٌّ وَالطَّبِيعِيُّ أَقْوَى بِدَلِيلِ قَبُولِ إِقْرَارِ الْفَاسِقِ الْفَاجِرِ لِأَنَّ وازعَه طَبِيعِيٌّ وردِّ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْوَازِعَ فِيهَا شَرْعِيٌّ فَاشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ تَمَسَّكُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} نكرةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين وَأَنَّهُ إِذَا أَصْلَحَهُمَا كَانَ رَشِيدًا وَالْمُطْلَقُ إِذَا عُمِلَ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا جوابُهم: أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تعُم وَإِنَّمَا تَكُونُ مُطْلَقَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ نَحْوَ فِي الدَّارِ رجلُ وَإِذَا عَمَّتْ تَنَاوَلَتْ صُورَةَ النِّزَاعِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْعُمُومِ لَكِنْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ إِصْلَاحَ الْمَالِ مُرادٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ غَيْرُهُ مرادٌ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ إِرَادَتِهِ بَلِ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ لِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ كَمَالِ الْعَقْلِ وَنَقْصِ الدِّينِ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ وَتَوَفُّرِ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمَلَاذِّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا اقْتُصِرَ عَلَى هَذِهِ الْغَايَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ إِصْلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ وَلِأَنَّا نَجِدُ الْفَاسِقَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى مَالِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَحْرَزَ مَالَهُ وَلَمْ يُحْسِنِ التَّنْمِيَةَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا أَمْسَكَ الْمَالَ عِنْدَهُ لَمْ يُنمِّه وَلِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنِ التَّجْرِ لَا يُوجِبُ الحِجر وَهَذَا إِذَا كَانَ عَيْنًا وَمَا لَا يُخشى فَسَادُهُ وَأَمَّا الرَّبع يُخشى خرابُه مَعَهُ فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْإِحْرَازِ وَفَسَادُ الدَّين إِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُ الْمَالَ كَالْكَذِبِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَمْنَعُ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يسْتَأْنف عَلَيْهِ بذلك حجرا وَهُوَ يشرب الْخمر وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَيْتَامِ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَمَّا مَنْ لَهُ أَبٌ أَوْ يَتِيمٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ ذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute