الْأَمِير وَالْقَاضِي وَلِأَنَّهُمَا لَا يَلْبَسَانِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقَطْعِ الْيَسِيرِ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَ الْأَمِيرِ نَفْسِهِ أَوْ أَنْفَ الْقَاضِي لَمَا اخْتَلَفَتِ الْجِنَايَةُ فَكَيْفَ بِدَابَّتِهِ مَعَ أَنَّ شَيْنَ الْقَاضِي بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَعْظَمُ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لِاقْتِضَائِهِ أَنْ يُعْوِرَ فَرَسَهُ مِثْلَ فِعْلِ الْجَانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِجْمَاعًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الدِّمَاءِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {عَلَيْكُم} إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ نُفُوسَنَا دُونَ أَمْوَالِنَا وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّ الدَّارَ جُلُّ مَقْصُودِهَا حَاصِلٌ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا يَخْتَلِفُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ الْمُلَّاكِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ الصَّالِحَةَ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كَالْقُضَاةِ والحطَّابين أَنْفَسُ قِيمَةً لِعُمُومِ الْأَغْرَاضِ وَلِتَوَقُّعِ الْمُنَافَسَةِ فِي الْمُزَايَدَةِ أَكْثَرَ مِنَ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا أُذُنُ الْأَمِيرِ وَأَنْفُ الْقَاضِي فَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَزَايَا الرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي بَابِ الدِّمَاءِ وَمَزَايَا الْأَمْوَالِ مُعْتَبرَة فيأسر فَدِيَةَ أَشْجَعِ النَّاسِ وَأَعْلَمِهِمْ كَدِيَةِ أَجْبَنِ النَّاسِ وَأَجْهَلِهِمْ فَأَيْنَ أَحَدُ الْبَابَيْنِ مِنَ الْآخَرِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَأَصْلُهَا أَنَّ الْقِيمَةَ عِنْدَنَا بدلُ الْعين فيستحيل أَن يجْتَمع الْعِوَض والمعوض وَعند بدل الْيَدَيْنِ فيجتمع المعوض بِقِيمَة الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَمْ تَقَابَلْ بِعِوَضٍ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَا تَقَدَّمَ أَنَّ ذَهَابَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ كَمَالَ الْقِيمَةِ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ وَلِأَنَّا إِنَّمَا نقوِّم الْعَيْنَ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ عوضا وَلِأَن الْمَمْلُوك لاتضمن أَجْزَاؤُهُ بِالتَّلَفِ بِمَا تُضْمَنُ بِهِ جُمْلَتِهِ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّزَاعِ إِجْمَاعًا أَوْ نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ لَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَو جنى وَلِذَلِكَ سُميت قِيمَةً فَلَوْ حَصَلَ لَهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْعَيْنِ لَمَا قَامَتْ مَقَامَهَا وَلَكَانَ لِلشَّيْءِ قِيمَتَانِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute