الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ كَمَا تَرَى بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْأَصْلُ لَاحَظَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْمِثْلِيَّ بِغَيْرِ الْبَلَدِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ فَيَقُولُ: لَا تَأْخُذْ هَذَا الْمَغْصُوبَ لِأَنَّ حَمْلَهُ بِأُجْرَةٍ وَلَا مِثْلُهُ هَاهُنَا إِذْ لَا فَرْقَ وَلَا الْقِيمَةُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَأَشْهَبُ أَطْرَحَ هَذَا الْأَصْلَ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلِهِ لِمَكَانِ الْغَصْبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَمَّا أَخْذُهُ: فَلِأَنَّهُ مَتَاعُهُ وَأَمَّا مِثْلُهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ هَذَا فَيَحْتَاجُ لَهُ كُلْفَةً فَلَاحَظَ مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ دُونَ الْغَاصِبِ وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ لِمُلَاحَظَةِ الشَّائِبَتَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهَا ثَلَاثَةُ أُصُولٍ: مُلَاحَظَةُ مَصْلَحَةِ الْغَاصِبِ أَوْ مَصْلَحَةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ يُلْغَى مَا خَفَّ دُونَ مَا عَظُمَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَيَأْخُذُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ فَجَعَلَ هَذَا الْمَذْهَبَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظُلَامَةُ الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ هَاهُنَا وَعَلَى أَصْلٍ رَابِعٍ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِعَيْنِ الْمَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ (ش) مَعَ أَصْلٍ آخَرَ يَأْتِي قَالَ: وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ (الرَّابِعِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ الْغَصْبِ أَوِ السَّرِقَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ) خَامِسٍ وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَزِيدُ أَوْ تَنْقُصُ فَوَجَبَ سُقُوطُ الْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَاعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلَهُ عَلَى الْقِيمَةِ أَخْذُ الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ بِغَيْرِ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ وَالْفَرْقُ بِأَصْلٍ سَادِسٍ وَهُوَ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا غَرَض فِي خصوصه وكل مثل يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُهُ وَهَذِهِ الْمُخْتَلِفَاتُ تَتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضُ بِخُصُوصِهَا وَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ: أَنَّ الحيون يَمْشِي بِنَفْسِهِ فَلَا كُلْفَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فِي رَدِّهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْأَصْلُ السَّابِعُ وَهَاهُنَا أَيْضًا أَصْلٌ ثَامِنٌ وَهُوَ: أَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْقِيَمِ فَهَلْ هُوَ كَتَغْيِيرِ الصِّفَاتِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِلَافِ الْقِيَمِ وَاخْتِلَافُ الصِّفَاتِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْبِقَاعِ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَاخْتِلَافٌ كَحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْعَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute