وَقَعَ فِي الْحِنْطَةِ فَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّ الدَّقِيقِ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا وَأَتْلَفَهَا أَوِ اشْتَرَاهَا فَطَحَنَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا يَفْسَخُ الْعَقْدَ وَيَرُدُّ الدَّقِيقَ احْتَجُّوا
بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالْحِنْطَةِ وَالطَّحْنُ لَمْ يُذْهِبِ الْمَالِيَّة وَلِأَنَّهُ فعل لَو فعله فِيهِ ملكه لم يزل ملكه عِنْده بِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الْغَيْرُ لَمْ يَزُلْ مُلْكُهُ وَكَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْعُدْوَانَ يُنَاسِبُ عَدَمَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَالْإِذْنُ مُنَاسِبٌ لَهُ أَكْثَرُ فَإِذَا لَمْ يَنْتَقِلْ بِالْمُنَاسِبِ لَا يَنْتَقِلُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ لِأَنَّ الْمِلْكَ نِعْمَةٌ وَالْمَعْصِيَةَ لَا تُنَاسِبُ النِّعْمَةَ وَلِأَنَّ ذَبْحَ الْغَاصِبِ عُدْوَانٌ فَانْضَافَ عُدْوَانٌ إِلَى عُدْوَانٍ فَتَعَذَّرَتِ الْمُنَاسَبَةُ جِدًّا وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ لَمَلَكَ الْبَائِعُ بِهَا الْمُشْتَرِيَ إِذَا فَعَلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلِأَنَّ ذِهَابَ جُلِّ الْمَنَافِعِ لَوْ كَانَ يُزِيلُ الْمِلْكَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ لَأَزَالَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَذَهَابِ الرُّوحِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَمْ لَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إِلَّا تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ فَلَا يُنْقَلُ الْمِلْكُ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا مَقْلِيَّةً فَطَحَنَهَا أَوْ كَمَا لَوْ غَصَبَ رَغِيفًا وَفَتَّتَهُ لُبَابًا وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْعَيْنَ لَمَلَكَ جَمِيعَ جِهَاتِ التَّصَرُّفِ عَمَلًا بِالْمِلْكِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْحَجْرِ وَقَدْ مَنَعْتُمُ التَّصَرُّفَ حَتَّى يُعْطَى الْقِيمَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِذَا بَقِيَ اسْمُ الْمَغْصُوبِ وَمَعْنَاهُ بِدَلِيلِ مَسْأَلَة الْعلف واستيلاد جَارِيَة الإبن عَن الثَّانِي أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْحِنْطَةِ وَمَالِيَّةِ الْحِنْطَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ حِنْطَةً وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الِاسْمِ وَالْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِمُطْلَقِ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِالْمَالِيَّةِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ إِذَا فَوَّتَهَا بِالطَّحْنِ وَالْخَبْزِ يَجْبُرُ مَالِيَّةَ الْحِنْطَةِ بِمَالِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute