وَلَمْ يَتَجَدَّدِ لِلْغَاصِبِ فِيهِ سَبَبٌ يُوجِبُ التَّضْمِينَ وَلَا التَّمْلِيكَ أَوْ أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ قِسْمَيْنِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِهِ عَيْبا قَائِمَة كالصبغ والنقض فِي الْبُنْيَانِ أَوْ مُجَرَّدِ الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّسْجِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَالَّذِي لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ قِسْمَانِ مَا تُمْكِنُ إِعَادَتُهُ عَلَى حَالِهِ كَالْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا وَمَا لَا يُمْكِنُ كَالثَّوْبِ يَصْبُغُهُ وَالْجِلْدِ يَدْبُغُهُ وَالسَّوِيقِ يَلُتُّهُ فَيُخَيَّرُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بَيْنَ إِلْزَامِهِ بِإِعَادَةِ الْبُقْعَةِ عَلَى حَالِهَا وَإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَبَين إِعْطَائِهِ قيمَة مَاله فِيهَا مَقْلُوعًا بَعْدَ أَجْرِ الْقَلْعِ إِذَا كَانَ لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ وَلَا يُعِيدهُ بَلْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ شَعْبَانَ وَقِيلَ لَا يَحُطُّ أُجْرَةَ الْقَلْعِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ هَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَدْمِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَيُخَيَّرُ فِي الصَّبْغِ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَحْوِهُ إِلَّا فِي السَّوِيقِ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهُ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا يُخَيَّرُ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الرِّبَا بَلْ يُلْزَمُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ التَّقْسِيمِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَهُوَ قِسْمَانِ يسير لَا ينْتَقل بِهِ الْمَغْصُوب عَن إسمه كعمل الْخَشَبَة أبوابا أَو تابوتا وطحن الْقَمْح ونسج الْغَزل وصوغ الْفضة حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلَ مَعْمُولًا بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مُغْتَفَرٌ وَالثَّانِي فَوْتٌ يُوجِبُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ فِي غَيْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ الْغَصْبِ هَذَا أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ يَجْعَلُ الْبُنْيَانَ أَصْلًا لِهَذَا كُلِّهِ وَيَقُولُ لَا أَجْرَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنَ الصَّبْغِ وَالرَّفْوِ وَالدِّبَاغِ وَالطَّحْنِ وَعَمَلِ التَّابُوتِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّبْغُ تَفْوِيتٌ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ شبع الصَّبْغَ وَقِيلَ يَشْتَرِكَانِ بِقِيمَةِ الصَّبْغِ وَقِيمَةِ الثَّوْبِ إِذا امتنعا من دفع مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِمَا وَأنكر هَذَا القَوْل فِي الْمُدَوَّنَة وَقَالَ إِن الشُّبْهَة إِنَّمَا تَكُونُ فِيمَا كَانَ تَوَجَّهَ بِشُبْهَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute