التَّنْبِيهَاتِ تَأَوَّلَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ شَهَادَةَ الرَّسُولِ مُطْلَقًا وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّكَ اعْتَرَفْتَ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِالدَّفْعِ فَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الرَّسُولِ وَلَوْ دَفعه ضمن أوهما حَاضِرَانِ وَالْمَالُ حَاضِرٌ وَلَوْ أَنْفَقَهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ امْتُنِعَتِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِ مَلِيًّا أَوْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُعْدَمًا فَلَا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقًا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ قَبُولُ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا لِأَنَّكَ وَافَقْتَ الرَّسُولَ عَلَى الدَّفْعِ وَإِنَّمَا خَالَفْتَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ قَبَضَهُ الْآخِذُ فَلَمْ يَضْمَنِ الرَّسُولُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ أَنْ لَوْ قُلْتَ لِمَنْ أَمركَ فَإِذَا ضَمِنْتَهُ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَلَّلَ أَشْهَبُ أَيْضًا بِأَنَّهُ دَفَعَ دَفْعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لِأَنَّهُ أمَرَ أَنْ يَدْفَعَ عَلَى وَجْهِ الْإِيدَاعِ فَدَفَعَ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُ قِيلَ وَإِذَا غَرِمَ الرَّسُولُ رَجَعَ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَظْلُومًا لِأَنَّهُ يَقُولُ الْآمِرُ ظَلَمَكَ وَأَغْرَمَنِي بِسَبَبِكَ إِذْ لَمْ يَجِدِ الْمَالَ بِيَدِكَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُودَعِ يَأْتِيهِ بِخَطِّ رَبِّ الْمَالِ إنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ صِلَةً أَوْ إنَّهُ لَهُ وَهُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ خَطُّهُ فَإِذَا عَدِمَ الْمُودِعُ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ كَانَ يعلم أَنه مظلوم لِأَنَّهُ يَقُول ليسك وَصَلَ إِلَي الْغُرْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَأْمُورَ فِي الْأُولَى يَتَحَقَّقُ تَكْذِيبَ الْآمِرِ وَأَنَّ الْمَدْفُوعَ إِلَيْهِ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَقْطَعُ بِحَقِيقَةِ كَذِبِهِ إِذْ قَدْ يُزَوِّرُ خَطَّهُ وَيَعْرِفُ أَمَارَتَهُ فَلِهَذَا يَرْجِعُ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ كَالْمُسْتَحَقِّ مِنْ يَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُبَاحُ عِنْدَ بَائِعِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ إِذَا قَالَ بَعَثَنِي رَبُّهَا إِلَيْكَ لِأَخْذِهَا وَصَدَّقَهُ وَدَفَعَ فَادَّعَى عَلَى ضَيَاعِهَا وَأَنْكَرْتَ بِعْثَتَهُ حَلَفت وَغرم لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الرَّسُولِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى لَهُ الرُّجُوعَ هَا هُنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِدْقُهُ السَّادِسَةُ فِي الْكِتَابِ إِذَا بَعَثْتَ عَبْدَكَ أَوْ أَجِيرَكَ لِقَبْضِ ثَمَنِ مَا بِعْتَهُ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute