وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ قِيلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ وَقِيلَ مُتَوَاطِئٌ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ فَقِيلَ اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الْجَسَدِ زَمَانَ الطُّهْرِ أَوْ فِي الرَّحِمِ زَمَانَ الْحَيْضِ فَإِنَّ أَصْلَ الْقُرْءِ الْجَمْعُ وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتُهُ وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ لِلْكُتُبِ فَإِنَّهُ جَمْعُ حَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ وَكَلِمَةٍ إِلَى كَلِمَةٍ وَقِيلَ الْمُشْتَرَكُ الزَّمَانُ لِقَوْلِهِمْ جَاءَ فُلَانٌ لِقُرْئِهِ أَيْ لِزَمَانِهِ وَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَمَانٌ يَخُصُّهُ قِيلَ لَهُ قُرْءٌ وَتَقُولُ الْعَرَبُ اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا بَعْدَ أَيَّامِهِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَتَحَيَّضَتْ أَيْ قَعَدَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَفِي الْحَدِيثِ
تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا
وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَهُوَ غُسَالَةُ الْجَسَدِ وَفَضَلَاتِ الْأَغْذِيَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلْبَقَاءِ وَلِذَلِكَ عَظُمَ نَتَنُهُ وَقَبُحَ لَوْنُهُ وَاشْتَدَّ لَذْعُهُ وَامْتَازَ عَلَى دَمِ الْجَسَدِ وَكَذَلِكَ عَلَى الَّذِي مِنْهُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِحَيْضَةٍ أَيْ عِرْقٌ انْشَقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمُ الْجَسَدِ وَلَيْسَ بِغُسَالَةٍ فَيَجْتَمِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَى الْوَقْتِ ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُرُوقِ الدَّمِ فَيَخْرُجُ مِنْ فُوَّهَاتِهَا إِلَى تَجْوِيفِ الرَّحِمِ فَيَجْتَمِعُ هُنَاكَ ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُنُقِ الرَّحِمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْوَطْءِ وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الْأَرْحَامِ وَحِفْظًا لِلْأَنْسَابِ. وَأَمَّا سَبَبُهُ فَقِيلَ لَمَّا أَعَانَتْ حَوَّاءُ آدَمَ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا هَذَا الدَّمَ عُقُوبَةً لَهَا يُبْعِدُهَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهَا حَالَةَ مُلَابَسَتِهِ لَهَا وَأَقَرَّ ذَلِكَ فِي بَنَاتِهَا وَقِيلَ أَوَّلُ مَا امْتُحِنَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَأَمَّا فِقْهُهُ فَنُمَهِّدُ لَهُ بِالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَقْسَامِ الْحَيْضِ وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَدَمِ النِّفَاسِ فَهَذِهِ أَرْبَعَة فُصُول.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute