للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ الْحَاجَةَ لِإِضَافَتِهِ لِمَا سَبَقَ لَتَعَيَّنَ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَثْبُتُ حَالَةَ الطُّهْرِ مُضَافًا لِذَلِكَ السَّبَبِ وَمَقْصُودُ النِّيَّةِ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ أَوْ تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ وَلَا تَمْيِيزَ لِهَذَا الصَّوْمِ إِلَّا بِسَبَبِهِ فَوَجَبَتْ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ كَمَا تُضَافُ الصَّلَوَاتُ إِلَى أَسْبَابِهَا. وَأَمَّا الْوَطْءُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} فَحَرُمَ وَنَبَّهَ عَلَى سَبَبِ الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَذَى وَهَذَا الظَّاهِرُ يَقْتَضِي اعْتِزَالَهُنَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا فِي الْمَحِيضِ اسْمُ زَمَانِ الْحَيْضِ فَإِنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يَصْلُحُ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي اقْتِصَارَ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ لِلْفَرْجِ فَقَطْ لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمَحِيضَ اسْمُ مَكَانِ الْحَيْضِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَلَوْلَا السُّنَّةُ لَكَانَ النَّظَرُ مَعَهُمَا لِأَنَّ النُّصُوصَ تَتَّسِعُ عِلَلُهَا. وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ جَمَعَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَفِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ. فَائِدَتَانِ: الْأُولَى سَبَبُ سُؤَالِهِمْ لَهُ حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى {ويسئلونك عَن الْمَحِيض} فَقِيلَ كَانُوا يَعْتَزِلُونَ مَوَاضِعَ الْحُيَّضِ كَالْيَهُودِ فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْحَرَامَ الْجِمَاع بقوله تَعَالَى {فِي الْمَحِيض} وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذا تطهرن فأتوهن} وَالْمُرَادُ بِالْإِتْيَانِ الْوَطْءُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوع مِنْهُ هُوَ الْوَطْء وَأَنه هُوَ المغيا بِحَتَّى لِيَلْتَئِمَ السِّيَاقُ وَثَانِيهِمَا أَنَّا نَحْمِلُ الْمَحِيضَ عَلَى اسْمِ مَكَانِ الْحَيْضِ وَقِيلَ سَأَلُوا لِأَنَّهُمْ يجتنبون

<<  <  ج: ص:  >  >>