تَعَالَى جَعَلَ الدَّمَ دَلِيلَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَلَوْ حَاضَتْ لَبَطَلَ الدَّلِيلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
دَمُ الْحَيْضِ أَسُودُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ
فَمَحْمُولٌ عَلَى الْحَائِلِ. لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ إِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ وَكَمَا جَازَ النِّفَاسُ مَعَ الْحَمْلِ إِذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ فَكَذَلِكَ الْحَيْضُ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لما راقها وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو رآاك الشَّاعِرُ مَا قَالَ شِعْرَهُ إِلَّا فِيكَ وَهُوَ قَوْلُهُ:
(وَمُبَرَّأً مِنْ كُلٍّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ... وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءِ مُغِيلِ)
مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيْضَ إِذَا جَرَى عَلَى الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ أَكْسَبَهُ بِسَوَادِهِ غَبَرَةً فِي جِلْدِهِ فَيَكُونُ أَقْتَمَ عَدِيمَ الْوَضَاءَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَارَفٌ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ الْغَالِبِ وَحَيْضُ الْحَامِلِ هُوَ الْقَلِيلُ وَالنَّادِرُ فَلَا يُنَاقِضُ دَلَالَةَ الْغَالِبِ. فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ فِي الْحَامِلِ إِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنِ اسْتَمَرَّ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا قَبْلَ الْحَمْلِ وَزَادَ دَمُهَا فِي بَعْضِ الشُّهُورِ تَجْرِي فِيهَا الْخَمْسَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْحَائِلِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ عَلَى عَادَتِهَا فَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ أَوْ تَنْقُصَ أَوْ تَزِيدَ فَإِنِ انْقَطَعَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَدَامَ ذَلِكَ حَيْضًا ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ فَزَادَ عَلَى عَادَتِهَا الْأُولَى فَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ الْخَمْسَةُ السَّابِقَةُ السَّادِسُ يُجْتَهَدُ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَأَتْ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَحْوَهَا وَفِي التَّفْرِيعِ إِلَى عِشْرِينَ يَوْمًا وَإِنْ جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِلَى الْعِشْرِينَ وَقَالَ فِي التَّفْرِيعِ إِلَى الثَّلَاثِينَ السَّابِعُ أَنَّهَا تَقْعُدُ أَقْصَى عَادَةِ الْحَوَامِلِ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ الثَّامِنُ أَنَّهَا تضَاعف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute