قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ أَدْلَى الْمُدَّعِي بِحُجَّتِهِ فَقَالَ الْقَاضِي لِلْآخَرِ تَكَلَّمْ فَإِنْ تَكَلَّمَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَهُ أُخَاصِمُهُ إِلَيْكَ قَالَ لَهُ الْقَاضِي إِمَّا خَاصَمْتَ أَوْ حَلَفْتَ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَحَكَمْتَ لَهُ إِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ مِنْ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ إِن ثَبت لَهُ الْخُلْطَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنِ التَّكَلُّمِ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ طَلَبَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَسْجُنُهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ وَلَكِنْ يَسْمَعُ صَاحِبَهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَحْتَمِلُ التَّخْرِيجَ مِنْ قِبَلِهِ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا شَاغَبَ الْخَصْمَانِ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَرُبَّمَا أَمَرَ الْقَوَمَةَ فَزَجَرُوهُمَا بِالدِّرَّةِ وَرُبَّمَا شَاغَبَا حَتَّى لَا يَفْهَمَ عَنْهُمَا فَيَقُولَ قُومَا فَإِنِّي لَا أَفْهَمُ عَنْكُمَا وَلَهُ الشَّدُّ عَلَى عَضُدِ أَحَدِهِمَا إِذَا رَأَى ضَعْفَهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَقُرْبَهُ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةً لَهُ عَمِيَ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُلَقِّنَهُ حُجَّةَ الْفُجُورِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ ثَبَّتَ عَيِيًّا فِي خُصُومَةٍ حَتَّى يَفْهَمَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ شَدَّ عَضُدِ أَحَدِهِمَا وَتَلْقِينَهُ حُجَّتَهُ لِأَنَّهُ مَيْلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا فِي خُصُومَتِهِ بِشَيْءٍ لِلْآخَرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَى نَفْعِهِ بِذَلِكَ وَيَكْتُبَهُ لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا كَانَ فِي أَمْرِهِمَا شُبْهَةٌ وَإِشْكَالٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْخُذَهُمَا بِالصُّلْحِ وَتَخَاصَمَ رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَقَامَهُمَا وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَقَالَ اسْتُرَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا وَلَا تُطْلِعَانِي مِنْ أُمُورِكُمَا عَلَى مَا سُتِرَ عَلَيْكُمَا وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَدِّدُوا الْقَضَاءَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَامِ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُوَرِّثُ بَيْنَهُمُ الضَّغَائِنَ وَكَانَ سَحْنُونٌ إِذَا سَأَلَهُ أَحَدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ لَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ هَذِهِ مَسْأَلَةُ خُصُومَةٍ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ إِرَادَةَ التَّفَقُّهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُفْتِي الْقَاضِي فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْبَخِيلِ وَالْقَاضِي لَا يُعِينُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَرْفَعُ الْحَاكِمُ صَوْتَهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute