وَلَنَا أَيْضًا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَلَا إِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ قَدْ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ فَادَّانَ مُعْرِضًا أَلَّا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا غَدا فَإنَّا بائعوا مَالِهِ وَكَانَ الْأُسَيْفِعُ غَائِبًا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا لِبَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَاضِرِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْغَائِبِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لَأَخَذَ النَّاسُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَغَابُوا فَتَضِيعُ الْأَمْوَالُ وَيَجُوزُ ذَهَابُ مَالِ الْغَائِبِ قَبْلَ الْقُدُومِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا إِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ بَعْضُهُمْ حَاضِرٌ وَعَلَى الْمَفْقُودِ فَهَذِهِ كُلُّهَا سَلَّمَهَا ح وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إِمَّا لِاحْتِمَالِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ الْقُدُومِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَيْهِ اَوْ لترجيح الْبَيِّنَةِ وَهُوَ لَا يَفُوتُهُ عِنْدَ حُضُورِهِمْ وَيَجُوزُ ان لَا يخرجهم فَلَا يُتَوَقَّفُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُعْتَبُرُ رِضَاهُ لَا يعْتَبر حُضُوره فاخذ الْوَرَثَةِ وَالْبَائِعِ فِي الشُّفْعَةِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ فَإِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ احْتَجُّوا بِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الْيمن اذ تَقَاضَى إِلَيْكَ رَجُلَانِ فَلَا تَقْضِ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر فَإنَّك تَدْرِي مَا يقْضِي قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا اذا كَانَ غَائِبا فِي الْبَلَدِ حَاضِرًا وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةُ أحد الْخَصْمَيْنِ فَلَا يقْضِي بَينهمَا فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ كَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ يَكُنِ الْحُضُورُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُسْتَحَقًّا وَالْحُضُورُ مُسْتَحَقٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute