وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ صِحَةَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبُطْلَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} فَرَتَّبَ رَدَّ الشَّهَادَةِ وَالْفِسْقِ عَلَى الْجَلْدِ وَتَرْتِيبُ الحكم على الْوَصْف يدل على علية ذَلِك الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْجَلْدُ هُوَ السَّبَبَ فِي الْفِسْقِ فَحَيْثُ لَا جَلْدَ لَا فُسُوقَ وَهُوَ مَطْلُوبُنَا وَعَكْسُ مَطْلُوبِكُمْ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْجلد فرع ثُبُوت الْفسق ظَاهرا ظُهُورًا ضَعِيفًا لِجَوَازِ رُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَقْذُوفِ فَإِذَا أُقِيمَ الْحَدُّ قَوِيَ الظُّهُورُ بِإِقْدَامِ الْبَيِّنَةِ وَتَصْمِيمِهَا عَلَى أَذِيَّةِ الْقَاذِفِ وَكَذَلِكَ الْمَقْذُوفُ وَحِينَئِذٍ نَقُولُ إِنَّ مَدْرَكَ رَدِّ الشَّهَادَةِ إِنَّمَا هُوَ الظُّهُورُ الْقَوِيُّ لِأَنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الاصل بَقَاءُ الْعَدَالَةِ إِلَّا حَيْثُ أَجْمَعْنَا عَلَى انْتِفَائِهَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعَدَالَةِ السَّابِقَةِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو اسحاق وش لابد فِي تَوْبَة الْقَاذِف من تَكْذِيبه لنَفسِهِ فَإِنَّمَا قَضَيْنَا بِكَذِبِهِ فِي الظَّاهِرِ لَمَّا فَسَّقْنَاهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْ نَفْسَهُ لَكَانَ مُصِرًّا عَلَى الْكَذِبِ الَّذِي فَسَّقْنَاهُ لِأَجْلِهِ فِي الظَّاهِرِ وَعَلَيْهِ إِشْكَالَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فَتَكْذِيبُهُ لِنَفْسِهِ كَذِبٌ فَكَيْفَ تُشْتَرَطُ الْمَعْصِيَةُ فِي التَّوْبَةِ وَهِيَ ضِدُّهَا وَتُجْعَلُ الْمَعَاصِي سَبَبَ صَلَاحِ الْعَبْدِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَرِفْعَتِهِ وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي قَذْفِهِ فَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ صَادِقًا فَهُوَ عَاصٍ لِأَنَّ تَعْيِيرَ الزَّانِي بِزِنَاهُ مَعْصِيّة فَكيف يَنْفَعهُ تَكْذِيب مَعَ كَوْنِهِ عَاصِيًا بِكُلِّ حَالٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْكَذِبَ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ كَرَجُلٍ مَعَ امْرَأَتِهِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَهَذَا الْكَذِبُ فِيهِ مَصْلَحَةُ السَّتْرِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَتَقْلِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute