يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} فَمَنَعَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَحِقَّ بِيَمِينِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَقًا فَلَا ترد الْيَمين لَيْلًا يسْتَحق يَمِينه مَالَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا نَكَلَ حُدَّ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَّى ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَضَاءَ الْيَمَنِ فَجَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَّانِي هَذَا الْبَلَدَ وَإِنَّهُ لَا غِنَى لِي عَنْكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا يَبْدُو لَكَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي جَارِيَتَيْنِ جَرَحَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فِي كَفِّهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاس احبسهما إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ وَاقْرَأْ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} قَالَ فَفعل ذَلِك وَاسْتَحْلَفَهُمَا فَأَبَتْ فَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَجَعَلَ الْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَبْقَ يَمِينٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَجَعَلَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَحُجَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمين وَلما يجز نقل حجَّة الْمُدَّعِي إِلَى جِهَة الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا نَقْلُ حُجَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْمُدَّعِي وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ يَمِينُكَ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ وَيَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلنَّفْيِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ جَعْلُ الْبَيِّنَةِ لِلنَّفْيِ تَعَذَّرَ جَعْلُ الْيَمِينِ لِلْإِثْبَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَة أَن لَا يتَعَمَّد الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ وَهَذِهِ لَيست كَذَلِك وَمُجَرَّد الإحتمال لَا يمْنَع وَلَا يمْنَع الْمُدعى عَلَيْهِ من الْيَمين الرَّابِعَة لَيْلًا يَأْخُذَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ بَلْ يُحْكَمُ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ الصدْق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute