فَاجْتَهَدْنَا فِي فِعْلِ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ بِسَفِينَةٍ أَو بِحَبل أَو خطام أَو بالسباحة إِلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ أَحْكَامًا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ وُجُوبُ الْإِنْقَاذِ وَلِذَلِكَ يَجْتَهِدُ النَّاسُ فِي تَعَرُّفِ الْوَقْت بالخطوط الْمَوْضُوعَة عَلَى الْحِيطَانِ وَالرُّخَامَاتِ وَسَائِرِ الْآلَاتِ وَلَا يُعَدُّونَ مُجْتَهِدِينَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الرُّؤْيَا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ وَحْيًا مِنَ النُّبُوَّةِ كَمَا أَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوحَى إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ نُبُوَّتِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي الْمَنَامِ وَكَمَا أُوحِيَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَنَامِ بِذَبْحِ وَلَدِهِ وَعَلِمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوَحْيٍ سَابِقٍ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ تُفِيدُ الْقَطْعَ أَوِ الظَّنَّ الْغَالِبِ بِأَنَّهَا وَحْيٌ فَعَدَلَ عَنِ الِاجْتِهَادِ إِلَى الْوَحْيِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا مُنَبِّهَةٌ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَتْ وَحْيًا فَرَجَعَ إِلَيْهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرُجْحَانِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَا لِكَوْنِهَا وَحْيًا وَالْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا لِتَحْصِيلِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ وَإِعْلَامِ الْخَلْقِ وَمُبَايَنَةِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ وَإِظْهَارِ اخْتِصَاصِ الْأُمَّةِ وَفِي الْبُخَارِيِّ الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْوَى بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ فَالْكَسْرُ مَعْنَاهُ سُرْعَةُ الْمَشْيِ وَمِنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ وَالْفَتْحُ قِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَتُطَوَّلُ أَعْنَاقُهُمْ حَتَّى لَا يَصِلَ الْعَرَقُ إِلَى أَفْوَاهِهِمُ الَّتِي كَانُوا يُؤَذِّنُونَ بِهَا وَقِيلَ أَطْوَلُ رَجَاءً مِنْ قَوْلِهِمْ تَطَاوَلَتْ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ وَطَالَ عُنُقِي إِلَى رَجَائِكَ وَقِيلَ أطول أعناقا وَعَبَّرَ بِالْعُنُقِ عَنِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْمُؤَذِّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute