للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ هَذَا مَقَامٌ تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِي وَلَا يُعْتَصَمُ مِنْهُ بِالصَّيَاصِي فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُوَفِّرَ الْعِنَايَةَ عَلَيْهِ وَالْجِدَّ فِيهِ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْقَدَرُ وَلم يَنْفَعهُ الحذر وَلَقَد قطع الْكِبْرِ مَنِ اسْتَكْبَرَ

(إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللَّهِ لِلْفَتَى ... فَأَكْثَرُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ)

وَلَكِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى أَعْظَمِ الْوَسَائِلِ مَعَ بَذْلِ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَعَ بَذْلِ جُهْدِكَ شَدِيدَ الْخَوْفِ عَظِيمَ الِافْتِقَارِ مُلْقِيًا لِلسِّلَاحِ مُعْتَمِدًا عَلَى ذِي الْجَلَالِ مُخْرِجًا لِنَفَسِكَ مِنَ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْوَسِيلَةَ هِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لِمَاسِكِهَا وَطَرِيقُ السَّلَامَةِ لِسَالِكِهَا وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَسْئُولُ الْمُبْتَهَلُ لِجَلَالِهِ فِي السَّلَامَةِ مِنْ عَذَابِهِ

(فَمَا لِجِلْدِي بِحَرِّ النَّارِ مِنْ جَلَدٍ ... وَلَا لِقَلْبِي بِهَوْلِ الْحَشْرِ مِنْ قِبَلِ)

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الرِّيَاءِ قَصْدُ اشْتِهَارِ النَّفْسِ بِالْعِلْمِ لِطَلَبِ الِاقْتِدَاءِ بَلْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّهُ سَعْى فِي تَكْثِيرِ الطَّاعَاتِ وَتَقْلِيلِ الْمُخَالَفَاتِ وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {وَاجْعَلْ لِي لِسَان صدق فِي الآخرين} قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ يَقْتَدِي بِي مَنْ بَعْدِي وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

بِقَوْلِهِ إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث علم ينْتَفع بِهِ

حَضًّا عَلَى نَشْرِ الْعِلْمِ لِيَبْقَى بَعْدَ الْإِنْسَانِ لِتَكْثِيرِ النَّفْعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذكرك} عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ يَنْبَغِي لِلْعَابِدِ السَّعْيُ فِي الْخُمُولِ وَالْعُزْلَةِ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلامَة وَلِلْعَالِمِ السَّعْيُ فِي الشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ تَحْصِيلًا لِلْإِفَادَةِ وَلَكِنَّهُ مَقَامٌ كَثِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>