كَانَ لَهُ حَقِيقَةً لَأَمْكَنَ السَّاحِرُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْخَوَارِقِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَنَا لِأَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ السِّحْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَضْ بِالْخَيَالِ إِلَى السَّعْيِ وَنَحْنُ لَا نَدَّعِي أَنَّ كُلَّ سِحْرٍ ينْهض إِلَى كل الْمَفَاسِد
وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي أَن أَنَّ إِضْلَالَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ مُمْكِنٌ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ بِضَبْطِ مَصَالِحِهِمْ فَمَا يَسَّرَ ذَلِكَ عَلَى السَّحَرَةِ فَكَمْ مِنْ مُمْكِنٍ مَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الدُّخُولِ فِي الْعَالَمِ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِكَمِ إِذَا ثَبَتَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ السَّاحِرُ كَافِرٌ فَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ سَحَرَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَالزِّنْدِيقِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ كَانَ أَظْهَرَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ أَظْهَرَهُ وَلَمْ يَتُبْ فَقُتِلَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنِ اسْتَسَرَّ فَلِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا آمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلُوا فَهُمْ أَعْلَمُ وَمِنْ قَوْلِ عُلَمَائِنَا الْقُدَمَاءِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنَ السِّحْرِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ وَلَا يَلِي قَتْلَهُ إِلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ سَحَرَ الْمُكَاتَبُ أَوِ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ لَمْ يَلِ سَيِّدُهُ قَتْلَهُ بَلِ الْإِمَامُ وَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ الْمُسْلِمَ سِحْرُهُ فَيَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَيُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ مِلَّتِهِ فَيُؤَدَّبُ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا فَيُقْتَلَ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ كَالسَّابِّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ ذَهَبَ لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ سِحْرًا وَلَمْ يُبَاشِرْ أُدِّبَ تَهْدِيدًا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يُكَفَّرْ وَإِنَّمَا رَكَنَ لِلْكُفْرِ وَأَمَّا حَقِيقَةُ السِّحْرِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ قَطَعَ أُذُنًا ثُمَّ الصقها أَوْ أَدْخَلَ السَّكَاكِينَ فِي جَوْفِ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ سحرًا قتل وَإِلَّا فَلَا وَاخْتلف الْأَولونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ إِلَّا رُقًى أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ أَنْ يَخْلُقَ عِنْدَهُ افْتِرَاقَ الْمُتَحَابِّينَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ بَلْ يَقَعُ بِهِ التَّغْيِيرُ وَالضَّنَى وَرُبَّمَا أَتْلَفَ وَأَبْغَضَ وَأَحَبَّ وَأَوْجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute