حَتَّى لَا تَدْرِيَ فَصَارَ لَا أَدْرِي وَسِيلَةً إِلَى الْعِلْمِ وَأَدْرِي وَسِيلَةً لِلْجَهْلِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ قَوْلُ الرَّجُلِ فِيمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَلَمَّا تَعَلَّمَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعِلْمَ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ وَأَفْتَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَحَلَّقَ ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ يَقُولُ لَا يُفْتِي الْعَالِمُ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى قَالَ سَحْنُونٌ يُرِيدُ الْعُلَمَاءَ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ وَيَرَى هُوَ نَفْسَهُ أَهْلًا لِذَلِكَ الثَّالِثُ أَنْ يُوَفِّيَ الْأَمَانَةَ فِي الْعِلْمِ فَلَا يُعْطِيَهِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ وَلَا يَمْنَعَهُ أَهْلِهُ فَإِنَّ الْعِلْمَ يَزِيدُ النَّفْسَ الشِّرِّيرَةَ شَرًّا وَالْخَيِّرَةَ خَيْرًا قَالَ الْمُحَاسَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعِلْمُ كالغيث ينزل من السَّمَاء كُله حُلْو يزِيد الحلو حلاوة والمر مرَارَة وَقَالَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعْلِيمُ الْعِلْمِ لِأَهْلِ الشَّرِّ كَبَيْعِ السَّيْفِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبَعَثَ الشَّافِعِيُّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْتَعِيرُ مِنْهُ كُتُبًا فَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ
(قُلْ لِلَّذِي لَمْ تَرَ عَيْنُ مَنْ رَآهُ مِثْلَهُ ... حَتَّى كَأَنَّ مَنْ رَآهُ قَدْ رَأَى مَنْ قَبْلَهُ)
(الْعِلْمُ يَنْهَى أَهْلَهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ أَهْلَهُ ... لَعَلَّهُ يَبْذُلُهُ لِأَهْلِهِ لَعَلَّهُ)
فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَقْرِ بَعِيرٍ فَقَوْلُهُ يَنْهَى أَهْلَهُ أَنْ يَمْنَعُوهُ أَهْلَهُ يُفِيدُ الدَّفْعَ لِلْأَهْلِ وَالْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُعْطُوا الْحِكْمَةَ لِغَيْرِ أَهْلِهَا فَتَظْلِمُوهَا
سُؤَالٌ إِذْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ الرِّيَاءَ وَالْمُبَاهَاةَ وَسُوءَ الْحَالَةِ فَالْمُعَلِّمُ لَهُمْ مُعِينٌ لَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ فَيَحْرُمُ التَّعْلِيمُ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرًا إِلَى الْغَالِبِ جَوَابُهُ هَذَا سُؤَالٌ مُشْكِلٌ وَقَدِ اضْطَرَبَتْ فِيهِ فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ فَمِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute