سُؤَالٌ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ التَّشْبِيهُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا بَيْنَ الْمُتَفَاوِتَيْنِ جِدًّا وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ (بَعِيدٌ مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ بُعْدًا شَدِيدًا وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهَا بَلْ قَتْلُ وَاحِدَةٍ لَا تُشْبِهُ) قَتْلَ عَشَرَةٍ فَمَا وَجْهُ التَّشْبِيهِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ (فَكَأَنَّمَا) جَوَابُهُ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ إِمَام مسْقط أَوْ حَكَمٌ عَدْلٌ أَوْ وَلِيٌّ تُرْجَى بَرَكَتُهُ الْعَامَّةُ فَلِعُمُومِ مَفْسَدَتِهِ كَأَنَّهُ قَتَلَ كُلَّ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُمُ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ وَكَذَلِكَ إِحْيَاؤُهُ وَإِلَّا فَالتَّشْبِيهُ مُشْكِلٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَمَّا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن نقْتل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ لَا يَزِيدُ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى هَذَا وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِتَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ فَغَاصِبُ دِرْهَمٍ لَيْسَ كَغَاصِبِ دِينَارٍ وَقَاتِلُ وَاحِدٍ لَيْسَ كَقَاتِلِ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى قَاتِلَ الْوَاحِدِ بِالْغَضَبِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اعْتَقَدْنَا مُضَاعَفَةَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ فَكَيْفَ فِي الْعَشَرَةِ فَضْلًا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ
فَرْعٌ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنَ الْقَتْلِ وَجَمِيعُ الذُّنُوبِ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ بِإِجْمَاعٍ إِلَّا الْقَتْلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّ الْوَعِيدَ محتم متحتم عَلَيْهِ لَا تَوْبَةَ لَهُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أخص من آيَات التَّوْبَة وأحاديثها فَتقدم عَلَيْهَا وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ لَا يَجُوزُ إِمَامَتُهُ وَإِنْ تَابَ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ كَافِرًا أَوْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا قَالَ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّوْبَةِ رَدَّ التَّبعَات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute