للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَاءَهَا إِمَّا بِالِاجْتِهَادِ أَوْ بِالتَّقْلِيدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَة وَلِأَن اللَّهَ تَعَالَى كَلَّفَهُ بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ مَعَ الْغَيْبَةِ فَلَا خلاف هَهُنَا أَيْضا وَأما الْكثير فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الْمَدِينَتَيْنِ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَعْبَة لَا يَكْفِي طولهَا بذلك وَأَنْ بَعْضَهُمْ خَارِجٌ عَنْهَا بِالضَّرُورَةِ وَالصَّفُّ الطَّوِيلُ بِمَنْزِلَة المدينتين وَقد انْعَقَد الْإِجْمَاع هَهُنَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْكَعْبَةَ وَرَاءَهَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ صَلَاةَ بَعْضِهِمْ بَاطِلَةٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ إِذْ لَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ فَيَبْقَى مَحَلُّ الْخِلَافِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَحْكَامَ عَلَى قِسْمَيْنِ مَقَاصِدُ وَوَسَائِلُ فَالْمَقَاصِدُ كَالْحَجِّ وَالسَّفَرُ إِلَيْهِ وَسِيلَةٌ وَإِعْزَازُ الدِّينِ وَنَصْرُ الْكَلِمَةِ مَقْصِدٌ وَالْجِهَادُ وَسِيلَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ فَتَحْرِيمُ الزِّنَا مَقْصِدٌ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَفْسَدَةِ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَتَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَسِيلَةٌ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَقْصِدٌ مَنْدُوبٌ وَالْمَشْيُ إِلَيْهَا وَسِيلَةٌ وَرَطَانَةُ الْأَعَاجِمِ مَكْرُوهَةٌ وَمُخَالَطَتُهُمْ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ وَأَكْلُ الطَّيِّبَاتِ مَقْصِدٌ مُبَاحٌ وَالِاكْتِسَابُ لَهُ وَسِيلَةٌ مُبَاحَةٌ وَحُكْمُ كُلِّ وَسِيلَةٍ حُكْمُ مَقْصِدِهَا فِي اقْتِضَاءِ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ وَإِنْ كَانَتْ أَخْفَضَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالِاجْتِهَادُ قَدْ يَكُونُ فِي تَعْيِينِ الْمَقَاصِدِ كتميز الْأُخْت من الْأَجْنَبِيَّة وَقد تقع فِي الْوَسَائِلِ كَالِاجْتِهَادِ فِي أَوْصَافِ الْمِيَاهِ وَمَقَادِيرِهَا عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ الْمِقْدَارَ وَالْمَقْصِدُ هُوَ الطَّهُورِيَّةُ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَهْمَا تَبَيَّنَ عَدَمُ إِفْضَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَى الْمَقْصِدِ بِطَلَ اعْتِبَارُهَا كَمَا إِذَا تَيَقَّنَّا أَن المَاء الَّذِي اجتهدنا فِي أَوْصَافِهِ مَاءُ وَرْدٍ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ إِعَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>