إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْعَدَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آحَادٌ وَالْأَنْصِبَاءُ أَشْيَاءُ وَقَاعِدَةُ الْجَبْرِ أَنْ يُقْسَمَ الْعَدَدُ عَلَى الْأَشْيَاءِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا النَّصِيبَ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَالْمَجْهُولُ يَحْسُنُ أَنْ يُجْعَلَ شَيْئًا فَلَا جَرَمَ كَانَتِ الْأَنْصِبَاءُ فِي الْمَقْسُومِ عَلَيْهَا لَا الْمَقْسُومَةِ فَلَمْ نَقْلِبْ وَلَمْ نُحَوِّلْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْقَلْبِ وَالتَّحْوِيلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قِسْمَةِ الْأَنْصِبَاءِ عَلَى الْأَمْوَالِ مَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّ المَال الْوَاحِد من الْأَنْصِبَاء بِسَبَب الْقِسْمَة وَهِي منفي هَا هُنَا وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْأَنْصِبَاءُ تُعَادِلُ الْمَالَ فَتَجْعَلُ الْأَنْصِبَاءَ آحَادًا عَدَدًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَخُصُّ الْمَالَ الْوَاحِدَ مِنْ عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ فَالْمَطْلُوبُ هُوَ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ لِلْمَالِ الْوَاحِدِ فَجَعَلْنَا الْأَمْوَالَ أَشْيَاءَ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَقَسَمْنَا الْأَنْصِبَاءَ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ الْعَدَدِ عَلَى الْأَشْيَاءِ وَهِيَ إِحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتِّ فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ الْقَلْبُ وَالتَّحْوِيلُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ هَذَا الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ رَابِعٍ فَقَدْ أَوْصَى بِرُبُعِ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِنَصِيبِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ كَانَ الثُّلُثُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ الرُّبُعَ فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنَ الرُّبُعِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا اسْتَوْعَبَ الرُّبُعَ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لَكِنَّهُ لَمَّا أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِرُبُعِ مَا يَبْقَى مِنَ الثُّلُثِ فَقَدْ نَقَصَتْ أَنْصِبَاءُ الْبَنِينَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ عَنِ الرُّبُعِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدٍ آخَرَ نَقَصَ أَيْضًا ضَرُورَةَ اسْتِوَائِهِمْ فَيَفْضُلُ مِنَ الرُّبُعِ شَيْءٌ يُمْكِنُ أَنْ تُنَفَّذَ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ مِنْ بَقِيَّةِ الرُّبُعِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِرُبُعِ الثُّلُثِ هِيَ الْمُصَحَّحَةُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَتَى فُقِدَتِ اسْتَحَالَتِ الْمَسْأَلَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ بِرُبُعِ مَالِي إِلَّا رُبُعَ الْمَالِ لِزَيْدٍ وَالْوَرَثَةُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ مَا بَقِيَ مِنَ الرُّبُعِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رُبُعَ الْمَالِ لِكُلِّ ابْنٍ مِنْ بَنِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَامِسَةَ عشر ابْنٌ وَبِنْتٌ وَوَصِيَّةٌ إِنْ زِدْتَهَا عَلَى نَصِيبِ الْبِنْتِ بَلَغَ الْجَمِيعُ ثَلَاثِينَ أَوْ عَلَى نَصِيبِ الِابْنِ بَلَغَ الْجَمِيعُ خَمْسِينَ كَمِ الْوَصِيَّةُ وَكَمِ التَّرِكَةُ اجْعَلِ الْوَصِيَّةَ شَيْئًا وَإِذَا أَلْقَيْتَهُ مِنَ الْخَمْسِينَ بَقِيَ خَمْسُونَ إِلَّا شَيْئًا وَذَلِكَ نَصِيبُ الِابْنِ وَإِذَا أَلْقَيْتَهُ مِنْ ثَلَاثِينَ يَبْقَى ثَلَاثُونَ إِلَّا شَيْئًا وَذَلِكَ نَصِيبُ الْبِنْتِ فَنِصْفُ نَصِيبِ الْبِنْتِ أَبَدًا فِي قِيَاسِ هَذَا الْبَابِ يَبْلُغُ سِتِّينَ إِلَّا شَيْئَيْنِ قَابل الْآن سَهْما وَبَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute