للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَكَانٍ بِعِلْمِهِ وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلتَّأْوِيلِ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْ بِغَيْرِ مُعِينٍ بَلْ بِذَاتِهِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرِهِ وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْعَرْشَ بِالِاسْتِوَاءِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْزَاءِ الْعَالَمِ فَيَبْقَى غَيْرُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَقَالَ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ إِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْجِهَةَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ إِذَا لم يصرحوا بِأَنَّهُ لَيْسَ كمثله شَيْء وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ النَّافِيَةِ لِلْجِهَةِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُمْ إِجْرَاءُ النُّصُوصِ كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَيَقُولُونَ لَهَا مَعَانٍ لَا نُدْرِكُهَا وَيَقُولُونَ هَذَا اسْتِوَاءٌ لَا يُشْبِهُ الِاسْتِوَاءَاتِ كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ دُونَ أَرْضِهِ فَوْقِيَّةٌ لَا تُشْبِهُ الْفَوْقِيَّاتِ وَهَذَا أَقْرَبُ لِمَنَاصِبِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْجِهَةِ وَمعنى قَول مَالك الاستواب غَيْرُ مَجْهُولٍ أَنَّ عُقُولَنَا دَالَّتُنَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ اللَّائِقِ بِاللَّهِ وَجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ دُونَ الْجُلُوسِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْأَجْسَامِ وَقَوْلُهُ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُوصَفُ بِمَا وَضَعَتِ الْعَرَب لَهُ كَيفَ وَهُوَ الْأَحْوَال المتنقلة والهيآت الْجَسِيمَةُ مِنَ التَّرَبُّعِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُعْقَلُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى لِاسْتِحَالَتِهِ فِي جِهَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ مَعْنَاهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ فِي سِيرَةِ السَّلَفِ بِالسُّؤَالِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُثِيرَةِ لِلْأَهْوَاءِ الْفَاسِدَةِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَرَأَيْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ مَالِكٌ إِنَّكَ تَتَحَدَّثُ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَإِنَّ السَّلَفَ لَمْ يَكُونُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ تَكُنِ الْبِدَعُ ظَهَرَتْ فِي زَمَانِهِمْ فَكَانَ تَحْرِيكُ الْجَوَابِ عَنْهَا دَاعِيَةً لِإِظْهَارِهَا فَهُوَ سَعْيٌ فِي مُنْكَرٍ عَظِيمٍ فَلِذَلِكَ تُرِكَ قَالَ وَفِي زَمَانِنَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فَلَوْ سَكَتْنَا كُنَّا مُقِرِّينَ لِلْبِدَعِ فَافْتَرَقَ الْحَالُ وَهَذَا جَوَابٌ سَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِدَعَ ظَهَرَتْ بِبِلَادِهِ بِالْعِرَاقِ وَمَالِكٌ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ بِبَلَدِهِ فَلِذَلِكَ أَنْكَرَ فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامَيْنِ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ وَجَدْتُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَضَرَبْتُهُمْ بِالْحَدِيدِ قَالَ لِي بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>