وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْكُلَ الْإِنْسَانُ مَعَ الْقَوْمِ مِثْلَ مَا يَأْكُلُونَ مِنْ تَصْغِيرِ اللُّقَمِ وَإِطَالَةِ الْمَضْغِ وَالرِّسْلِ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ عَادَتَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْهَمَ فِي الْأَكْلِ وَيُكْثِرَ مِنْهُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ بَطْنِهِ لِلطَّعَامِ وَثُلُثَهُ لِلْمَاءِ وَثُلُثَهُ لِلنَّفَسِ كَذَلِكَ وَرَدَ الْحَدِيثُ وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ مِنَ الدَّسَمِ وَفَاهُ وَإِنْ كَانَ لَبَنًا وَأَمَّا تَعَمُّدُ الْغَسْلِ لِلْأَكْلِ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ زِيّ الْأَعَاجِم وَفِي الصَّحِيح قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَسْلُ قَبْلَ الطَّعَامِ أَمَانٌ مِنَ الْفَقْرِ وَبَعْدَهُ أَمَانٌ مِنَ اللَّمَمِ قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِيَ إِنَّمَا أَمْنٌ مِنَ الْفَقْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ أَنَّ مَنِ اسْتَهَانَ بِالطَّعَامِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجُوعَ بِالْقَحْطِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَغْسِلْ قَبْلَ الطَّعَامِ فَقَدْ أَهَانَهُ بِخَلْطِ الْوَسَخِ الَّذِي عَلَى الْيَدِ مَعَهُ فَيُخْشَى عَلَيْهِ الْفَقْرُ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ بَعْدَ الطَّعَامِ خُشِيَ عَلَيْهِ إِلْمَامُ الْجَانِّ بِهِ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعِيشُونَ بِالرَّوَائِحِ فَإِذَا شَمُّوهُ رُبَّمَا عَبَثُوا بِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ وَسَخٌ لَا يَغْسِلُ لِأَنَّهُ إِفْسَادٌ لِلْمَاءِ بِغَيْرِ حِكْمَةٍ وَلَا يَنْفُخُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ لِمَا يُخْشَى مِنْ خُرُوجِ رِيقِهِ مَعَ النَّفْخِ فَهُوَ قَذَارَةٌ وَلَا يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ وَلَكِنْ يُنَحِّيهِ عَنْ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَشْرَبُ وَيُنَحِّي عَنْ فِيهِ ثُمَّ يَشْرَبُ وَلِأَنَّ النَّفَسَ تَنْبَعِثُ مَعَهُ الْفَضَلَاتُ فَيُفْسِدُ الْمَاءَ وَيُنْتِنُ الْإِنَاءَ مَعَ الطُّولِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا وَشَرِبَ قَائِمًا لِيَدُلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي ابْن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ قِيَامًا وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا لَا تَرَى بِالشُّرْبِ قَائِمًا بَأْسًا قَالَ الْبَاجِيُّ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ لَا يشربأحد مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَبْصُقْ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنه مَوْقُوف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute