للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُسَاوُونَهُمْ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِيسَارِ وَمُخَالَفَةِ الْهَوَى وَعَنِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ مِنْ سَبْقِهِمْ لِلدُّخُولِ أَنْ تَكُونَ دَرَجَتُهُمْ أَعْلَى وَلَا مُسَاوِيَةً وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ أَكْثَرُ فِي الدُّنْيَا فَهُمْ أَكْثَرُ فِي الْجَنَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عُلُوُّ الدَّرَجَةِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ السُّؤَالَ يَقَعُ نَعِيمًا لِقَوْمٍ وَعَذَابًا لِقَوْمٍ فَالْمُحْسِنُ يُجِيبُ بِحَسَنَاتِهِ فَيَنْعَمُ بِذَلِكَ والمسيء يُجيب عَن السُّؤَال بِفِعْلِهِ الْقَبِيح وَتَصَرُّفِهِ الدَّنِيءِ فَيَتَعَذَّبُ بِجَوَابِهِ فَلَا يَضُرُّ الْغَنِيَّ الشاكر السُّؤَال بل يَنْفَعهُ وَاحْتج مفضل الْكَاف بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(اللَّهُمَّ ازرق آلَ مُحَمَّدٍ الْكَفَافَ وَاجْعَلْ قُوتَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا) وَدَخَلَ عَبَّادٌ عَلَى ابْنِ هُرْمُزَ فِي بَيْتِهِ فَرَأَى فِيهِ أَسِرَّةً ثَلَاثَةً عَلَيْهَا ثَلَاثُ فُرُشٍ وَوَسَائِدُ وَمَجَالِسُ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا هَذَا فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ وَلَيْسَ الَّذِي تَقُولُ بِشَيْءٍ أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَى هَذَا وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَمَا فَضَلَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ فَلَبِسَ مِنْ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَأَكَلَ مِنْ طَيِّبِ الطَّعَامِ وَرَكِبَ مِنْ جَيِّدِ الْمَرَاكِبِ فَحَسَنٌ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَفِي مُسْلِمٍ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (يَا عَبْدِي أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) تَنْبِيهٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحِسَابُ وَالْمُسَاءَلَةُ لايدخلان فِي الْمُبَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُسَاءَلَةَ تَكُونُ نَعِيمًا لِقَوْمٍ وَعَذَابًا لِقَوْمٍ وَكَذَلِكَ الْحِسَابُ عِنْدَ الطَّاعَاتِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُطِيعِ نَعِيمٌ لَهُ وَعِنْدَ الْعَاصِي عَذَابٌ لَهُ وَإِلَّا فَاللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَاءَلَةِ مَعْنًى وَلَا لِلْحِسَابِ مَعْنًى وَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الْمُبَاحِ لِانْتِفَاءِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ مُضَافٍ فِي قَوْله تَعَالَى {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} تَقْدِيرُهُ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ شُكْرِ النَّعِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>