للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يَعُمُّ الْأَزْمَانَ وَإِنْ عَمَّ الْبُلْدَانَ فَاجْتَمَعَ فِيهِ الشَّبَهَانِ فَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي أَيِّهِمَا يُغَلَّبُ وَقَوِيَ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ بِمُشَارَكَةِ الشَّاهِدِ فِي الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ ضَعُفَتِ التُّهْمَةُ فِي الصَّلَاةِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْمُصَلِّي لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي قُرْبَةٍ فَأَشْبَهَ الْفَتْوَى فِي عَدَمِ التُّهْمَةِ الثَّانِي فِي الْجُلَّابِ إِذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ فِي بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ لَزِمَ الصَّوْمُ لِكُلِّ بَلَدٍ نُقِلَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِعُمُومِ حُكْمِهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَهُ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ عَنْ هِلَالِ رَمَضَانَ مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ قَالَ قُلْتُ رَأَيْتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ فَقُلْتُ لَهُ أَفَلَا نَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ عَنْ هَذَا أَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ فِيهَا فَقُدِّمَتِ الْمُشَاهَدَةُ عَلَى الْخَبَرِ خَبَرِ كُرَيْبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَكَذَا أمرنَا رَسُوله الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن لَا نَرْجِعَ عَنِ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرْصَدَ مَعَ الصَّحْوِ أَمْ لَا بَلْ قُضِيَ بِالثُّبُوتِ مُطْلَقًا فَيُشَكِلُ الْحَدِيثُ

قَاعِدَةٌ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوْقَاتِ أَسْبَابًا لِلْأَحْكَامِ كَالْفَجْرِ وَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ كَمَا نَصَبَ الْأَفْعَالَ أَسْبَابًا نَحْوَ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَالْأَوْقَاتُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَقْطَارِ فَمَا مِنْ زَوَالٍ لِقَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ فَجْرٌ لِقَوْمٍ وَعَصْرٌ لِقَوْمٍ وَمَغْرِبٌ لِقَوْمٍ وَنِصْفُ اللَّيْلِ لِقَوْمٍ بَلْ كُلَّمَا تَحَرَّكَتِ الشَّمْسُ دَرَجَةً فَتِلْكَ الدَّرَجَةُ بِعَيْنِهَا هِيَ فَجْرٌ وَطُلُوعُ شَمْسٍ وَزَوَالٌ وَغُرُوبٌ وَنِصْفُ لَيْلٍ وَنِصْفُ نَهَارٍ وَسَائِرُ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ يُنْسَبُ إِلَيْهَا بِحَسَبِ أَقْطَارٍ مُخْتَلِفَةٍ وَخَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَتَحَقَّقُ فِي قُطْرِهِمْ لَا فِي قُطْرِ غَيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>