إِثْبَات الْهِلَالِ بِالْحِسَابِ خِلَافًا لِلدَّاوُدِيِّ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَأما قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيرَ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْمَنَازِلِ لِقَوْلِهِ فِي مُسْلِمٍ
فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ أَيْ مِقْدَاره وَهُوَ ثَلَاثُونَ لذَلِك لَا يجِئ شَهْرٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ إِلَّا نَاقِصًا
فَائِدَةٌ غُمَّ مَعْنَاهُ خَفِيَ بِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ الْغَيْمُ لإخفائه السَّمَاء وَالْغَم لِأَنَّهُ سَاتِر للقلب والأغم مَسْتُور الجبه لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي إِثْبَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِالْحِسَابِ فِي الْآلَاتِ بِالْمَاءِ وَالرَّمْلِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ زَمَنَ الشِّتَاءِ عِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالْغُيُومِ فَمَا الْفَرْقُ جَوَابُهُ أَنَّ لِلْإِثْبَاتِ أَسْبَابًا مَنْصُوبَةً فَإِنْ عَلِمَ السَّبَبَ لَزِمَهُ حُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَكْفِي الْحِسُّ وَالْعَقْلُ وَحُصُولُ الْهِلَالِ خَارِجَ الشُّعَاعِ لَيْسَ بِسَبَبٍ بَلْ ظُهُورُهُ لِلْحِسِّ فَمَنْ تَسَبَّبَ لَهُ بِغَيْرِ الْبَصَرِ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحِسَابِ لم يُوجد فِي حَقه السَّبَب فَلَا يرتب عَلَيْهِ حُكْمٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي الصَّلَاة {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَمَا قَالَ صُومُوا للهلال بل قَالَ {من شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} فَجَعَلَ السَّبَبَ الْمُشَاهَدَةَ لَهُ دُونَهُ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى الْحِسَابَ فَأَثْبَتَ الْهِلَالَ بِهِ لَمْ يُتَّبَعْ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute