للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصدنا لزيارة مقام الشيخ الأبوصيري ثم مقام أستاذه أبي العباس المرسي ويتجمع حول هذين المقامين عدد وافر من الطائفة الظاهرة في زي المجاذيب.

التقينا بالسيد حسين بن عباد من أهالي جزيرة جربة القاطنين بتلك المدينة وذهب بنا إلى ناد حافل يقال له (المنشية) فقضينا بها جانباً من الليل في أسمار مونسة واستطلاع على مجامع متنوعة وهيأت من الملابس مختلفة فإن هذا النادي يأوي إليه السائحون من بلاد الشرق ولا تتجافى عنه الطبقة العالية من الأهالي ومما يذود عن جفنك الكرى هنا أن باعة الجرائد يخترقون الصفوف والمجامع وهم يصرخون بأسمائها وأيدي القوم تتلقفها واحدة عقب واحدة.

وأبث الأسف هنا حيث لم يتمهد لنا التعارف بفضيلة العالم الأستاذ الشيخ السيد عبد الفتاح المكاوي أحد العلماء بمشيخة الاسكندرية قبل مقدمي هذا حتى أحظى بسعادة لقائه فإنه بعث لي رسالة بعد وأنا حينئذ بدمشق خاطبني فيها على أن أوجه له بنسخة من رسالتنا (الدعوة إلى الإصلاح) فما لبثت أن قدمتها لفضيلته بواسطة البريد فطالعها بعين الكرم وتفضل حفظه الله بالكتاب الذي قصرت اليراعة أن تبسط باعها بما يستوجبه من الشكر ونصه بعد الديباجة:

فقد تلقيت خطابك السامي ورسالتك الداعية إلى الإصلاح والخير والفلاح وبمطالعتها علمت أن الإسلام لم يعدم أنصاراً ولم يزال للإرشاد دعامة هي خير الدعامات قلت فبرهت، ودعوت فسددت، وأحييت سنة الخلفاء والمصلحين فربطت بهذا آخر العالم الإسلامي بأوله ولا يسعني إلا تهنئة الحاضرة التونسية بك بل الأقطار الإفريقية بل الممالك الشرقية وإني وأيم الله لقد امتلأ قلبي سروراً وأفعم فرحاً من تعاليم جامع الزيتونة حيث انتخبت مفكراً وعالماً دينياً بصيراً مثلك ولقد ضاقت علي سبل الشكران أشكرك على ما قدمته للإسلام والمسلمين من براهينك الساطعة وحججك الدامغة أم أشكرك على ما أهديته للحركة الفكرية العصرية مما تلقته البصائر بالإجلال والإعظام أو على عنايتك الكبرى بتبديد الخرافات التي علقت بأفئدة كثير من المسلمين أو على شجاعتك المتناهية في إزالة سحب الجهالات التي أخرتنا إلى الوراء أميالاً ليست بقليلة أو أشكرك على إهدائك لي ما أعده ذكراً حسناً وأثراً خالداً باكرنا يوم الخميس إلى القطار المصري فانطلق يهرع ما بين أشجار وأنهار

<<  <  ج: ص:  >  >>