يكون السبب الذي استند إليه العامل قائماً زمن رع الأحكام ويسكت عنه الشرع ولا يقرر له حكماً. ويصح أن يضرب المثل لهذا بصلاة الرغائب فقد ألف الشيخ عز الدين بن عبد السلام رسالة وضح فيها أنها بدعة وهذا مما لا تدخله الريبة فإنه إذا ثبت أن الحديث الذي يروي في شأنها موضوع كما حقق ذلك أبو الفرج بن الجوزي انطبق عليها أنها عمل لم يحدث له موجب ولا ورد فيه أثر عن صاحب الشريعة وهذا بخلاف ما يكون السبب الموجب له طارئاً بعد زمن الوحي كتدوين علم الغريبة وجمع القرآن في المصاحف.
سايرني بعد أن انتثر عقد المجلس بعض التلامذة واقترحوا علي إقراء درس في التفسير وحكوا أن لغيرهم من أهل العلم حرصاً أكيداً على هذا الاقتراح فبسطت إليهم بمعذرة أني قد ربطت العزم على الرحيل صبيحة يوم الأحد فقالوا يمكن أن نعين لميقات الدرس عشية غد ونكتفي بالمقدار الذي يتيسر جمعه وبيانه والغرض إنما هو المحافظة على سنة الكثير من أهل العلم يمرون بالأزهر فما وسعني إلا أن ساعدت مرغوبهم فأحضروا تفسير القاضي البيضاوي ووقع الاختيار على أن يكون موضوع الدرس قوله تعالى:(وما كان المؤمنون لينفروا كافة) الخ الآية.
افتكرت في المنهج الذي نتبعه في تحرير الدرس فسبق لي استحسان إبرازه في الأسلوب المتعارف في جامع الزيتونة فلا أسل يدي من تقرير ما يناسب من مباحث عربية أو أصولية أو أحكام فرعية ن المقترحين للدرس أزهريون.
أتينا صباح يوم السبت على المسجد الذي ابتدعه عبد الرحمن ابن الشيخ عليش رحمه الله وشاهدنا بأم العين ما رسمه في أعلى مفتحه بالقلمين الإفرنجي والعربي وأنكره عليه علماء الإسلام. ثم مضينا للوفاء بموعد الشيخ عبد المعطي السقا فجاز بنا إلى داخل منزله وأهداني كتاباً حافلاً ألفه فضيلة جده المنعم في فضل عمارة المساجد وللشيخ عبد المعطي عناية كبرى بالفحص عن التآليف النادرة والسعي الحثيث في تحصيل ما نشرته المطابع في البلاد القاصية وقد تفضل علي برد الزيارة فاتفق أن كنت خارج المنزل فكتب بطاقة يشعرني فيها بزيارته ويتأسف لعدم الملاقاة وأودعها لدى ناظر الكلوب.
ذهبت إلى الجامع الأزهر لأذان العصر وانتبذت للتحية مكاناً بين مجمعين لتعليم القرآن فانشق صدري أسفاً لأحد المعلمين إذ كان لا يضع العصا من يده ولا يفتر أن يقرع بها