هذا بعد ما كان علماؤنا يقرؤن النصارى واليهود حقائق دينهم ويرشدونهم إلى سواء السبيل فقد ذكر العلامة التاج السبكي في طبقاته الكبرة في ترجمة العلامة كمال الدين بن يونس الذي قال عنه المحدث ابن الصلاح أن الكمال أعظم من أن يترجم وناهيك بهذا التقريظ الغالي من هذا الجناب العالي أنه كان يدرس عليه رهبان النصارى وعلماؤهم وأحبار اليهود والإنجيل والتوراة، ويحل لهم مشكلات الكتابين أحسن حل.
ويعترفون بأنهم لا يجدون مثله في ذلك عدا عن إقرائه الزيج والإسطرلاب والمخروطات ومعضلات الهندسة والفلك وحقائق الهيئة وسائر العلوم الطبيعية.
يا لله كيف حالنا اليوم مع حالنا بالأمس؟ أجل يصدق علينا قول ربيعة حيث قال الإمام مالك رضي الله عنه دخل رجل على ربيعة بن عبد الرحمن فوجده يبكي فقال ما يبكيك وارتاع لبكائه المصيبة نزلت بك؟ فقال لا، لكن أستفتي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم ولبعض من يدعي العلم أحق بالسجن من السراق.
يا حماة الدين ويا شيوخ المسلمين أنتم أعلم مني بما قال سفيان الثوري رحمه الله (ويحكم احفظوا العلم فإني أخاف أن يخرج العلم من عندكم فتذلون). .
وحفظه بلا شك تنحية من لا علم عنده ولا فضيلة عن أرائكه ومنصاته وإلا فالغد شر من اليوم كما كان اليوم شراً من الأمس والمصير إلى الهلكة لا محالة.
بعد لقد سرني وأثلج صدري وأثار كوامن أملي ظهور الفائدة المطلوبة والضالة المنشودة بكتابنا في مجلة الحقائق الغراء عن هذه المسألة فقد ظهرت حركة مباركة مع بعض أهل العلم الغيورين ودبت روح جديدة في فريق من العلماء المجدين. . فقاموا (ايدهم الله بتوفيقه) وألفوا جمعية دينية ليطالبوا الحكومة الحكومة المحلية لتأخذ بناصر العلوم الدينية وتحيي ما مات من أوقافها بسائق اغتلاس من لا عهد لهم ولا ذمة وما اندرس من المدارس الدينية ودور العلم ولإنجاز ما وعدت به حكومة الأستانة من تأسيس مدرسة دينية عالية في دمشق تكون كالأزهر والزيتونة. . . وقد بلغني أنهم مزمعون على إرسال طائفة منهم إلى ملاذ والي ولايتنا العالي ليعرضوا على دولته هذا المشروع الديني.
ونحن نزف البشرى لهم بنجاح مسعاهم إن شاء الله تعالى ونقول أن والي الولاية حفظه الله ممن يلتهب غيرة على الدين وأهله وهو لا يألوا جهداً في مد يد المساعدة لهذا المشروع