الموت الجسماني والرضا بالذلة والهوان والإقامة على الخسف الذي هو في الحقيقة الموت الأبدي هذا سبب ما حل بكم وهذا جواب سؤالكم.
سبب ما أحل بكم الوهن. الشح بالنفس والمال عن الجهاد في سبيل الله والدفاع عن بيضتكم ووطنكم وحريمكم وذراريكم.
وما هو هذا الشح يا ترى؟ هو حب الدنيا وكراهية الموت. أن فلاسفة الأخلاق قاطبة لو اجتمعوا ليشخصوا سبب ضعف الأمم الجوهري لما أمنكنهم أن يتعدوا معنى الوهن.
ولو أرادوا أن يعرفوه تعريفاً جامعاً مانعاً لما خرجوا عن قولهم حب الدنيا وكراهية الموت.
ليس المراد بحب الدنيا المذموم الوهن للأمم والمنهك لقواها السعي ورائها والكد والجد في تحصيلها لإقامة شؤون الله في عالم الله كلا ثم كلا! فقد قال مرشدكم الأعظم صلى الله عليه وسلم، نعم مطيه الدنيا الآخرة وقال المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف. وقال الله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين.
فهل هناك تحريض على جمع الدنيا من حلها لإقامة شؤونها الناجعة التي ترضى الله ورسوله وترضيكم من هذا. بل المعنى من ذلك الترامي عليها وجمعها بغير الطرق المشروعة والإسراف في لذائدها والأعراض عن النفقة في الجديات وسبيل الله وسبيل ما يعلو شأننا به.
أما تشخيص دائكم الذي حل بكم بسبب هذا الوهن. فهو تفرقكم وإهمال شؤونكم.
أي أمة الإسلام! ما هذا التفرق؟ ما هذا التدابر ما هذا التخاذل؟ أليست عقيدتكم واحدة وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر فما هذا التفرق؟ أليست أخلاقنا واحدة وهي الائتمار بالعدل والإحسان وأبناء ذي القربى والبعد عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فما هذا التشتت؟ أليست أدابنا واحدة وهي التأدب بآداب رسول الله الحكيم الرباني عليه السلام وواحد حكماء الوجود بشهادة القريب والبعيد والعدو والصديق.
فما الذي يباعد بيننا؟ أليست صوالحنا واحدة؟ وهي التعاون على البر والتقوى وترك الإثم والعدوان.
فما الذي يفضل بيننا؟ أليس معبودنا واحداً؟ أليس رسولنا واحداً أليس كتابنا واحداً. أليست