مليون تصهر أجسادهن نيران المصانع، وتبل زهرة جمالهن المزاحمات؟
ليست هذه الصيحات هي التي تفتن الشرقيين فهم بمعزل عنها بل هي تلك الأسراب النسائية من بنات الغرب يرونهن غاديات رائحات بين الجزيرة والأهرام على حال يوهم الناظر السطحي أنهن بلغن غايات المدنية، وأن رجالهن قد حصلوا بهن علي أقصى نهايات الراحة العائلية.
لذلك الناظر أن يظن ذلك فليس هو بأول سار غره قمر. وليكتمه في نفسه وليسأل عنه خبيراً. أما جعله نتائج هذه المشاهدات السطحية مبادئ ثم النهوض لنشرها بين الناس فلا نسلم له فيه.
إن هذا المظهر الفاتن الذي يؤثر على مشاعر بعض شباننا في أمر النساء ويضرم في نفوسهم نار الغيرة لإبلاغ نسائنا هذه الدرجة الراقية في أعينهم يكفينا لأجل أن نر مبلغ خطأهم في النظر للأشياء أن نبرهن لهم أنه مثار البلاء على أهله. ومنبعث الانحلال على مدنيتهم.
جاء في دائرة معارف لاروس بعد ذكرها أن خراب مدنية روما إنما جاء من انطلاق النساء مع الأهواء قالت:
وعي هيآتنا الاجتماعية الحاضرة التي فيها النساء يتمتعن بحرية مفرطة نرى أن دناءة ذوقهن وميلهن الشديد الذي يحملهن دائماً إلى الاشتغال بجمالهن وبكل ما يزيد حسنهن، كل ذلك خطراً وهو لا مما كانت عليه الحالة في روما.
نعم لسنا أول من لاحظ هذا الأثر السيء الذي يحدثه حب النساء للزينة يوماً فيوماً على أخلاقنا (تأمل) فإن أشهر كتابنا لم يهملوا الاشتغال بهذا الموضوع الكبير وكثير من أقاصيصنا التي قوبلت بالاستحسان العام قد وصفت بطريقة مؤثرة الخراب الذي يجره على العائلات الشغف الجنوني بالتزيين والتبرج فكيف النجاة من هذا الداء الذي يقرض مدينتنا الحالية (تأمل) ويهددها بسوط سريع جداً وإن شئت فقل بانحطاط الأدواء له
هذه أقوال أصحاب الدار ولكن أتى لها أن تصل إلى الواقفين مع الظواهر وخصوصاً هذه الظواهر الفتانة.
يخيل لمن يكتب في المواضيع الاجتماعية عن شعوره الذاتي بدون علم أن جميع المسائل