للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهناك سبب آخر ساعد كثيراً على انتشار مبدأ العزوبة وهو شيوع الفحشاء في البلاد وسهولة إتيانها سرا وعلانية.

وهذا المبدأ بجميع علله ومعلولاته إحدى هدايا المدينة الأوربية التي نفحتنا بها مع علومها وآدابها. وليس سببه هذا الحجاب الشفاف كما يذهب إليه المفتونون ببدع الحياة الغربية المادية.

كتب العمراني الخطير (جيوم فريرو) في مجلة سنة ١٨٩٥ من مجلات الفرنسية ما يأتي:

إن العلامات المنذرة بقرب حلول الأزمة النهائية لهذا الشكل من المدنية التي تعيس فيه كثيرة جداً (تأمل) بحيث لا يمر يوم حتى يقف الباحث على إنذارات جديدة فيه. فلنعط نحن أيضاً أنفسنا وظيفة الطبيب ولنساعد في مساعدة ما شخصه الأطباء من هذا المرض الاجتماعي في زماننا هذا بدرس هذا الشكل الجديد من الرهينة التي هي مع عدم استنادها على دين تهددنا بأنها ستصل إلى الحد الذي وصلت إليه الرهينة الدينية في زمن من أزمنة القرون الوسطى.

يعلم الرجال والنساء بالتجربة وفي كل بلد تلقي العقبات التي تحول دون الزواج تزداد يوماً بعد يوم وأن هناك أسباباً لا عداد لها اقتصادية على الخصوص تقف في طريقه حتى أن كثير من الناس لما يئسوا من إمكان تذليلها صبروا على العزوبة بكل وسعهم ومن السهل علينا أن نقول أن عددا عديداً من أشخاص من كلا الجنسين يجب أن يحدثوا آثارا هائلة على كيان الهيئة الاجتماعية كلها. وذلك بمعيشتهم بلا زواج أعني في شروط حيوية صناعية ويجب أن الآثار التي تنتج من النساء العازبات تكون أكبر من التي تنتج من آثار الرجال العازبين فإن عزوبة الرجل تكسبه في الواقع ونفس الأمر صفات نفسية خاصة به ولكنها لا تقلب كيان شخصيته تماما لأنها لا تستلزم عنده العفة مطلقاً ويمكنها أن تجبره على المعيشة بين بنات الهوى أو ترغمه على الفساد وعلى هذا فالعزوبة لا تقلل فيه تلك الوظيفة الفيزيولوجية دفعة واحدة وأما المرأة فبخلاف ذلك فإن الشروط الاجتماعية الحالية تستدعى عفتها في عزوبتها والعفاف يقتضي حذف وظيفة الأمومة وهي الوظيفة التي خلقت المرأة لأجلها جسداً وروحاً لاشك إذن في أن هذه الحالة يجب أن تفسد شخصيتها إفساداً ذريعاً ولاشك أيضاً أن عددا كبيراً من هذه النسوة يحدثن آثارا هائلة على الهيئة