وكلام البيضاوي مبني على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه من أن الوجه والكفين عورة في غير الصلاة_وكلام الزمخشري مبني على مبنى الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه_من أنهما ليسا بعورة مطلقاً وفي ظاهر القولين خلاف لكن متى علمت أن مذهب الإمام أبي حنيفة معلل بالضرورة ومقيد بعدم خوف الفتنة وأن مذهب الإمام الشافعي جواز النظر للضرورة كما رأيت في عبارة البيضاوي سهل عليك أن تحكم بأن القولين يؤديان إلى نتيجة واحدة_ألا وهي عدم جواز النظر - لأن شرط أمن الفتنة مفقود التحقق في هذا الزمان.
وقد نص السادة الحنفية على أن الشك في حصول الفتنة موجب للتحريم_قال في الدر المختار_فإن خاف الشهوة أوشك امتنع نظره إلى وجهها (أي الأجنبية) فحل النظر مقيد بعدم الشهوة وإلا فيحرم وهذا في زمانهم أما في زماننا فممتنع من الشابة قهستاني وغيره.
وقال الله تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) - قال الألوسي في تفسير هذه الآية أخرج البخاري وابن جرير وابن مردوية عن أنس رضي الله عنه قال قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يارسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب وأخرج ابن جرير عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن في الليل إذا برزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أحجب نسائك فلم يكن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي الله عنه بصوته الأعلى قد عرفناك ياسودة_حرصاً على أن ينزل الحجاب فأنزل الله تعالى الحجاب وذلك إحدى موافقات عمر رضي الله عته وهي مشهورة.
وقال الله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) _ذكر العلامة الواحدي في أسباب النزول قال كانت نساء المؤمنين يخرجن بالليل إلى حاجتهن وكان المنافقون يتعرضون لهن ويؤذوهن فنزلت هذه الآية وقال السدي كانت المدينة ضيقة المنازل وكان النساء إذا كان الليل خرجن فقضين الحاجة وكان فساق المدينة يخرجون فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا هذه حرة