فتركوها وإذا رأوها بغير قناع قالوا هذه أمة فكانوا يراودونها فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وجلابيب جمع جلباب وهو على ما روي عن ابن عباس الذي يستر من فوق لأسفل ولإدناء التقريب وضمن معنى الإرخاء والسدل ولذلك عدي بعلى وفي الكشاف معنى بديني عليهن يرخين عليهن يقال إذا دلَ الثوب عن وجه المرأة أدنى ثوبك على وجهك.
والمراد بعليهن على جميع أجسادهن وقيل على رؤوسهن أو على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهم أما كيفية هذا الستر في الجاهلية هو الوجه فقد اخرج ابن جرير عن محمد ابن سيرين قال سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطي وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر ويوجد روايات أخر في الكيفية قريبة في المعنى مما ذكر
هذا غيض من فيض مما يمكن أن يستدل به من كلام الله وسنة رسوله على مشروعية الحجاب وقد وعدنا أن لانرد على الكاتب فيما رآه من مضار الحجاب ويكفينا أن نبين للقراء أن الله أمر به ولاشك أن القارئ المسلم يكتفي بذلك ويعلم أن الله لم يشرع لعباده إلا مافيه خيرهم وسعادتهم ويحسن بنا أن نختم مقالنا بقصيدة منقولة من المجلد (١٢) ص (٣٥١) من مجلة (المنار) في الحجاب من نظم أحد أدباء العراق في معارضة بعض شعراء العصر قال:
لنعم مؤدب الخفرات ... يقمن به إلى يوم الممات
يقرن به كواكب في بروج ... ولايعدونه متبرجات
فمالك ياغيور نظمت شعراً ... نثرت به عقود البينات
تعرض في نساء القوم قدماً ... وتعرض عن أوامر صادعات
فقد قال الإله وقرن أمرا ... يؤدب فيه خير الأمهات
فإن تفهم سوى المعنى فبين ... وإن تزعم له نسخاً فهلت
نشدتك هل قصدت بذا بياناً ... على حسن اقتدار والتفات
أواستنبطت ذا من فعل خير ال ... نساء العالمات العاملات
فإن تك أُمَنا في العلم بحراً ... تحل لسائليها المشكلات
فقد كان المعلم خير زوج ... بحجرة بيته لا المدرسات