للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دخولك من باب الهوى إن أردته ... يسير ولكن الخروج عسير

وعلى تقدير السلامة فهل يؤثر مقالنا هذا التأثير الذي تتطال إليه الأعناق وتشرئب نحوه النفوس فيعود علينا بالجدوى (٤) المرغوبة ونجتني من ثمراته ماينسينا مرارة الجهالة التي تجرعتها سكان المملكة العثمانية كارهة مكرهة وتوجرتها (٥) مقهورة مضطهدة (٦) حتى وصلنا إلى زمن تقلصت (٧) فيه عن بلادنا ظلال العلوم الوارفة (٨) وأصبح المستحق لاسم العالم والحاوي لشرف العرفان أعز من الكبريت الأحمر (٩) وقل العلم والعلماء قلة يتضاءل (١٠) لها الإنسان وجلاً وخجلاً من خالقه الذي وهبه ميزة (١١) الاستعداد لنيل مناصب العلوم ومراتب المعارف وطفق مبتغي اقتباس نور العلم يضرب آباط الإبل (١٢) ويجوب فيا في الأقطار العثمانية وهو ينشد ذلك الرجل الذي يقال له على سبيل الحقيقة عالم أخصائي بله المتضلع من جميع العلوم الدينية الشرعية أو الدنيوية العصرية ولو أردنا تعداد العلماء الحقيقيين عندنا في دمشق ذات التاريخ المجيد لما جاوزوا عدد نجوم الثريا على أنها في مقدمة البلاد السورية عناية بالعلوم والمعارف. فحتى متى ونحن نقضي على الجهل وهو الداء الدفين الذي يقتل من كتمه ولم يستطب له والأنكى أن الخطباء والكتاب الذين بحت أصواتهم وكلت أقلامهم وهم يقولون (إلى العلم إلى العلم) قد سهل على المحاولين جوابهم لأنهم إذا أسندوا القصور والاقصار إلى الحكومة وأرادوها على إسعاف الشعب في سبيل التقدم العلمي قيل لهم دعوها وشأنها فهي من أمرها في شغل شاغل ولا ينبغي للشعب أن يتكئ أو يتكل عليها في كل شيئ_وأن أسندوا ذلك إلى الشعب وقصروا الملامة والتبعة عليه قيل لهم أن الشعب ليس عليه إلا أن يقوم بأداء ما تكلفه به الحكومة من الضرائب والرسوم التي تحيي منه باسم المعارف ومن أين للشعب أن يستسهل المصاعب والمتاعب ويقتحم عقبات المشاق الحائلة دون العلم وهو حديث عهد بالنقة من أمراضه الاجتماعية وبالخلاص من أعباء القيود الفادحة (٣) التي ظل يرزح (٤) تحتها ردحاً طويلاً وفي الحقيقة هذه كلها مماحكات ومواربات لاتغني من الحق شيئاً ولئن كانت زخرفة المعاذير الملفقة تفيد في دفع احتجاجات المطالبين بالإصلاح المعنوي وتسكين ضجيج المتبرمين من فشو الجهل فهي ليست تفيد نقيراً ولاقطميراً أمام الخطاب الشرعي القاضي بسؤال كل راع عن رعيته وبفرضية العلم على كل أحد وبأعداد ما في الوسع