والطاقة من القوى وبوجوب التحرز والاحتياط من الأخطار والمهالك ونحو ذلك مما لايتوصل إليه إلا من طريق العلم فالعلم هو سبيل السعادة التي هي الضالة المنشودة لكل فرد من أفراد البشر ولسنا نعني علماً مخصوصاً بل نريد جميع العلوم سواء كانت دينية أو دنيوية_أما الدينية فوجوبها على كل إنسان لايحتاج إلى بيان_وأما الدنيوية أو العصرية فقد أصبحت اليوم من قبيل القوى التي أمرنا باعدادها وليس في المملكة العثمانية من مدارس الفنون العصرية ما يفي بالغرض ويكفي الناشئة ويكون فيه سداد من عوز يقوم بمطالب الشعب_اللهم إلا ما تأسس وافتتح قديماً وحديثاً من المدارس الأجنبية والمكاتب الافرنجية التي لا أثر فيها لغير أيدي الأجانب وهذه لاثقة لنا ولا لحكومتنا بإخلاصها في خدمة ناشئتنا الذين يطلق عليهم بالنسبة إلى أصحاب تلك المدارس الأجنبية أنهم أولاد الأجانب كما يقال لهم أبناء العثمانيين ولا ندري بعد ذلك كيف يرجى سلامة عقيدتهم ووطنيتهم من الفساد إن لم ينقلبوا أعداء مبغضين لنا ولحكومتنا بعد أم كانوا أبناءنا وأخواننا المحبين لنا والمحبوبين عندنا والمنضوين (٣) معنا تحت ظل الهلال العثماني فلا نشعر إلا وقد خرجوا من تلك المدارس وقلبوا لنا ظهر المحن ويصبح أحدنا وهو يقول بلسان حاله لابنه أو أخيه أو غيرهما.
وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفع وموتك لا ضر
وإذا كان مثل ملك الجبل الأسود يقول لأولاده اذهبوا إلى أوروبا واجتهدوا على تحصيل العلوم وبلوغ الغاية منها لكن بشرط أنكم تتعهدون أن تعودوا إلينا بعد انتهاء تحصيلكم وأنتم في ذلك الحين على ماأنتم عليه الآن من الإخلاص لبني قومكم وصدقكم في حب وطنكم هذا (الجبل الأسود) وبقاء غيرتكم الليلة فإن رجعتم هكذا فعلى الرحب والسعة حيث نحتفل باستقبالكم ونكرم ملقاكم ويكون قدومكم علينا حينئذ بمنزلة أجمل مواسم الأفراح والمسرات وأما إذا رجعتم على العكس من ذلك فليس لكم عندنا جزاء إلا القتل والإعدام هكذا قال ملك الجبل الأسود لأولاده حين أرسلهم إلى مدارس الأجانب فنحن ماذا قلنا وماذا نقول لمواطنينا الذين لم يزالوا حتى الآن يهاجرون من بلاد سورية وغيرها إلى أمير كاوسواها من بلاد الغربيين ألا يحق لنا أن نعتبر بما نسمعه من صدى تصريحات بعض المنسلخين عنا بعد أن شبوا وترعرعوا في حجر البلاد العثمانية أليس لنا عبرة في هذه القاعدة الجديدة التي