الآية أنها الإحصان والمراد بالأجور المهور، هذه الآية قد غلط فيها قوم غلطاً عظيماً لجهلهم باللغة فزعموا أن المراد بها المتعة التي أجمع أهل العلم أنها حرام وهذا الزعم خطأ عظيم لأن الآية واضحة بينة وقد صح أن ابن عباس رضي الله عنه لما صح له نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المتعة الشرطية رجع عن إحلالها إلى تحريمها وإنما بينت هذا البيان لئلا يغر بعض الرافضة غراً من المسلمين فيحل له ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأن النهي عن المتعة صح من جهات لو لم يكن فيها غير ما وري عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه ونهيه ابن عباس عنها لكان ذلك كافياً أه.
وأما قول مؤلف الرسالة أن حمل الآية على النكاح الدائم مدفوع بأنه خلاف ظاهر لفظ الاستمتاع والأجور فهو دليل على عدم تضلعه بالكتاب ومعانية وقد رأيت أن صاحب لسان العرب وهو من كبار أئمة اللغة فسر الآية كما ذكرنا أما الاستمتاع فالظاهر أن معناه الانتفاع قال الله تعالى:
(ويوم نحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض) أي انتفع بعضنا ببعض وقال الله تعالى (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) أي تعجلتم الانتفاع بها وفي حديث ابن الأكوع كما في النهاية الأثيرية قالوا يا رسول الله لولا متعتنا به هلا تركتنا ننتفع به أه والشواهد على ذلك كثيرة فتبين أن الاستمتاع قد ورد في القرآن والسنة بمعنى الانتفاع ولا يخفى أن الانتفاع أظهر في النكاح الدائم من المتعة.
وأما الأجور فمعناها المهور قال الله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن) والمراد بالأجور في هاتين الآيتين المهور ولا يصح حمل الأجور فيهما على غير المهور بالاتفاق. فظهر بطلان قول مؤلف الرسالة أن حمل آية النساء على النكاح الدائم مخالف لظاهر لفظ الاستمتاع والأجور. على أن حمل الآية على المتعة مخالف لسياق الكلام قال الشهاب الألوسي ما مفاده أن نظم القرآن الكريم يقتضي أن تكون آية فما استمتعتم واردة في النكاح الدائم. وأما حملها على المتعة فهو بعيد